منصة الصباح

طوق نجاة .

زكريا العنقودي .

كان لا يسلك لعمله طريق اخر.. اربعون عام ولا يشق الطريق لعمله الا من ذاك الشارع.
كل صباح وعند نفس التوقيت السابعة والنصف تماما.. كعابي وكيس القمامة بيده يضعه بمجمع القمامة براس الزقاق ثم ينحرف يمينا يمر امام الكوشة ليلتقي وبشكل متغير ببعض الجيران.. تبادل تحايا جميل متكرر ومعتاد.. خمس دقائق إثر ذلك ويصل الوسعاية يدخل مقهى الحاج عمر.. يطلب قهوته الاكسبريسو من الشاب العامل بالمقهى وكالعادة يشربها بدون سكر رفقة سبسي الرويال.. يودع القهوة وروادها ويقف على الرئيسي ليركب أول سيارة اجرة نحو مقر عمله.
أربعون عاماً وهو على هذا الحال وعلى نفس الطريق كان مرتاحا وفخوراً بحياته تلك.
حتى حدث ذات ليلة أن اجتاحت الحرب الحي الذي يقطنه لم ينم وكيف ينام وهو وعياله بقلب الجحيم مع ذلك قرر عدم الفرار وافاق صباحا ليسلك نفس الطريق صوب عمله لكن صدم حين فتح باب بيته ليجد كومة من التراب وجمع مسلحين يسدون الطريق..
لم يفكر طويلا في الأمر اقفل باب بيته للمرة الاخيرة ولم يسلك طريقه المعتاد بل سلك الطريق المعاكس تماما متجها صوب البحر وركب مركب عتيق كل ما علم عنه أنه يتجه صوب الشمال جلس في زحام المهاجرين لا ماء لا بسكويت لا طوق نجاة؛
لا ماضي
لا ذكريات
لا حنين.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …