براح.
محمود البوسيفي.
الإحصائيات العلمية التى لا تخضع للتحريف هي المؤشر الأول على صحة الحالة.. الجامعة العربية أصدرت مجموعة من الإحصائيات المفزعة عن ظاهرة هجرة العقول العربية، نستعرض هنا أبرزها: فالوطن العربي يسهم ب 2.3% من هجرة الكفاءات العلمية من مجموع الدول النامية، حيث يهاجر أكثر من 50% من الأطباء و26% من المهندسين و23% من العلماء الشباب. أضف إلى ذلك أن 62% من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى بلدانهم…
تضيف الإحصائيات المريعة أن 550 ألف عربي من حملة الشهادات العليا يقيمون بصورة دائمة في أوروبا الغربية وأمريكا وكندا.. من بينهم 41% من مجموع الأطباء في المملكة المتحدة.
تقول الإحصائيات أن 75% من المهاجرين العرب يتوجهون إلى أمريكا وكندا وأوروبا مخلفين بذلك خسائر تصل إلى 500 مليار دولار سنويا.
تجنبت الجامعة العربية مجرد الإشارة إلى الأسباب عن هذا النزيف الرهيب في مخزون القدرات والطاقات العربية الذي يتعرض إلى هدر كارثي ومن بينها: ضعف أو انعدام البحث العلمي، وعدم تحديث مناهج التعليم، وغياب الحريات، وانخفاض مستويات الدخل، وتعثر البناء الديمقراطي، الفساد الإداري والمالي، الخ الخ
الجامعات العربية تخرج سنويا جيوشا من الموظفين ومن العاطلين عن العمل.. الحكومات العربية تخنق فرص العمل لكي تفتح المزيد من السجون والمعتقلات.. المواطن العربي يصبح ويمسي وهو يحلم بالانسلاخ عن مهانة واقعه ومن إهدار كرامته واستباحة حقوقه.. يحلم بالانفكاك عن مجتمعات تخلو من تكافؤ الفرص .. يحلم بالفرار من صوته المبحوح ورثته الملوثة وعقله المشوش.
الإحصائيات التي أصدرتها الجامعة العربية تجنبت أيضا الإشارة إلى مسؤولية الأنظمة العربية عن هذه الجرائم البشعة في حق الأمة وأجيالها الطالعة.
الإحصائيات لا ترفع إصبع الإتهام في وجه أحد، ولكنها ومن حيث لا تدري تفضح وتعري وتكشف بقسوة رقمية تقول وبشكل شديد الوضوح أن الاستعمار والأمبريالية.. الخ الخ من مصطلحات الإذاعات العربية ليست هي المسؤولة عن التجهيل الذي تنفته مناهج التعليم، مثلما ليست مسؤولة أيضا عن تحويل أرصدة البحث العلمي صوب بنود أخرى لا ترضي الله ولا ترضي الوطن.. هي أيضا ليست
المسؤولة عن غياب الحريات العامة والخاصة أو عن تدني مستويات الدخل وأرتفاع مؤشرات البطالة والجريمة.. وهذه هي الأسباب الرئيسة التي تقف وراء نزوح العقول العربية.. من المسؤول؟! ومتى يتوقف هذا العبث..؟