المصدر : اخبار ليبيا 24
ببرده وأمطاره، يمرّعلى مدينة بنغازي، ليستفّز سكانها ويذكرهم بانعدام البنية التحتية لمدينتهم، التي توقفت منذ سنوات طويلة، وكل ما شهدته من عمران هو بناء عشوائي بصورة أنيقة.
عقب ساعات من الأمطار تتحوّل بنغازي إلى مدينة عائمة، بمختلف أحيائها (القديمة والحديثة)، بما في ذلك الطرق الرئيسة والساحات العامة، التي تتحول إلى بحيرات مؤقتة، قد تطول مدة بقائها، إلى أن تتحرك الشركة العامة للمياه،وتشفط هذه الكميات من الطرق الرئيسة، التي تسبب إرباكا في حركة المرور،وسط انتقاد الأهالي والمارة لهذه الحالة.
فكيف يكون حال الأهالي القاطنين بعيدا عن الأعين، الذين تغطوا بالعراء، وسط حالة من الهلع، أطفال ونساء حي الأكواخ في منطقة قاريونس، يعانون جراء غرق منازلهم عقب نزول أمطار غزيرة على مدينة بنغازي.
(الغيث النافع)، فضّل أبناء العصيّة أن يصفوه بذلك، رغم وقوع الخراب في شوارعهم وممتلكاتهم، نتيجة تهالك البنية التحتية، وعدم اكتراث المسؤولين بها مع أنها أكبر بلدية في ليبيا.
المحنة التي مرت على سكان (حي الأكواخ) بمنطقة قاريونس، وهي إحدى مناطق غرب بنغازي، ليلةَ البارحة، لم تكن حدثا جديدا ، بل متكررا، فمنازلهم كانت تتعرض للغرق منذ سنوات ، دون أن تُحرك الحكومات التي تعاقبت على الدولة الليبية ساكنًا.
إحدى الأكواخ الغارقة تفقدته وكالة “أخبار ليبيا 24″، يقبع داخله سبعة أطفال، تروي لنا أمهم، أن أباهم اغتيل منذ قرابة الخمسة أعوام وتركهم لها، وهم منذ ذاك الوقت ينتظرون أن تقوم دولة الحق التي لأجلها مات زوجها ورفاقه.
ابن الشهيد، كان يرافق والدته وهو يخبرنا عن مسؤوليته اتجاه أمه وأخواته البنات اللاتي تركهنّ والده أمانةً في عنقه، فتى لا يتجاوز السّابعة عشر من عمره، يحمل على عاتقه مسؤولية عائلة يأويهم كوخ غير مهيئ للحياة الصحية، ويحاول قدر الإمكان أن يلملم شمل هذه العائلة وتلبية احتياجاتهم قدر المستطاع.
فريق من جمعية الهلال الأحمر فرع بنغازي، ومركز شرطة قاريونس، قاموا بإخراج الأهالي العالقين داخل منازلهم، منذ صبيحة اليوم الأحد، بعد أن قضوا ليلةً باردةً في هذا الشتاء.
وقال مدير مركز شرطة قاريونس، إن عناصرهم ــ ومنذ مساء أمس ــ تواجدوا بالمنطقة لمساعدة الأهالي العالقين وسط المياه، مؤكدًا أنهم يسعون بقدر الإمكان إلى مد يد العون للسكان، ولفت إلى أن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم أو أمس، قائلًا “نحن مركز شرطة قاريونس تنادينا بسيارتنا، لإخراج الأطفال والنساء من داخل برك المياه، وهذا واجبنا اتجاه وطننا وأهلنا.”
مناشدات أهالي حي الأكواخ لكافة المسؤولين، لا تزال مستمرة، رغم أنهم يعانون هذا الواقع منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وطالبوا مرارًا الحكومات المتعاقبة، بحل أزمتهم وإيجاد سكن يليق بآدميتهم وأطفالهم، الذين يتخذون من العراء فراشا ، كل شتاء.
وقالت المواطنة حميدة الشيخي، “نسكن هذا الحي منذ أعوام طويلة، في ظل تجاهل كافة المسؤولين، فمجيئهم لنا دون جدوى، فوعودهم واهية وأكاذيبهم باتت متكررة.
وشاركنا الحديث، جارُهم يرتدي بزة عسكرية، رجل أمن زوجته تعاني مرضا خبيثاً ينهش جسدها، قائلًا “برفقة سكان الحي ذهبنا لكل المسؤولين وطرقنا كافة الأبواب”، إلا أن ردهم جاء “ليس لديهم حلول”، حتى عدنا أدراجنا نجرجر الخيبات وطن يهان فيه أبناؤه وليس لهم ملجأ فيه.
وجدد سكان حي الأكواخ مناشدتهم، لكل المسؤولين ببلدية بنغازي، بالحكومة الليبية المؤقتة، بوزارة الشؤون الاجتماعية، بمجلس النواب، بالقيادة العامة للجيش الليبي، لكل من له صوت لكل من له سلطة القرار، لكل صاحب ضمير، بإيجاد حلول جذرية لهم، قائلًا أحدهم “إننا جزء من هذا الوطن، فمنا أبناء شهداء وهناك زوجات مفقودين”.