حـديـث الـثلاثـاء
بقلم /مفتاح قناو
خلال سنوات إقامتي ودراستي بالجمهورية التشيكية كان لي صديق من أهل البلاد يدعى (بيتــر قــايدوش)، وكان هذا الصديق من أصول ريفية، وقد أتت به إلى المدينة فترة الخدمة العسكرية التي كان يقضيها تلك السنوات.
كان التواصل والحديث بيننا مستمرًا، وذات مرة سألته عن معنى لقبه ( قــايدوش ) فأخبرني أنه صفة تطلق على الشخص العازف على المزمار الشعبي وبشكل خاص (مزمار القـرب) فقلت له على سبيل المزاح أن معناها بالعربية ( زُكار) وهذا يعني أن اسمك بالعربية ( بيتــر الزُكار )، فهز رأسه قائلاً إن كانت الترجمة صحيحة فهو كذلك.
تذكرت هذه الحادثة وانا بصدد الكتابة عن موسيقى القرب فعندما نعود بالذاكرة لما عرفناه من التاريخ، نجد أن الإنسان قد عرف المزامير منذ الزمن القديم لكن استخدام الجلود في تطوير صناعة المزامير إلى أن أصبحت على شكل (قـِرب جلدية) والتي تعرف في ليبيا باسم (الزكرة) وفي تونس تسمى (المزود) بينما يطلق عليها في اسكتلندا وسائر أوروبا بمزمار القرب.
موسيقى القرب مزدهرة في أوروبا وتقام لها مهرجانات خاصة بها، تشارك بها معظم دول العالم، وأشهرها فرق موسيقى القرب العسكرية
في مطلع سبعينيات القرن العشرين حكي أحد أساتذة الموسيقى في مصرــ وقد كان في زيارة لليبيا ــ انه في إطار بحوثه الموسيقية قد قام بزيارة لاسكتلندا خصيصا ليقوم بجلب القربة الاسكتلندية من اجل أن يركب عليها المزمار الشعبي المصري ليجرب صناعة آلة موسيقية جديدة تكون خليطاَ بينهما، وأعتبر نفسه قد قام باختراع عظيم قدمه في بحث مكتوب، لكنه أعترف عند زيارته لليبيا ومشاهدته للزكرة الليبية بأنه لم يقم باختراع، بل اكتشف أنه جاهل بفنون شعب عربي شقيق في دولة مجاورة لمصر لديها هذه الآلة الموسيقية مند مئات السنين .
يمكن القول بأنه توجد مهرجانات خاصة بموسيقى القرب التي تصنع من الجلود تشارك فيها أغلب الفرق الموسيقية من مختلف القارات، ورغم أن هذه الموسيقى موجودة في بلادنا مند زمن طويل إلا أن مشاركات فرقنا المحلية على المستوى الخارجي في هذا المجال تكاد تكون معدومة .