حـديـث الثـلاثــاء
مفتاح قناو
يستمر حديثنا عن محلة شارع البي والذي يسمه البعض (شارع بنت البي) نسبة إلى الكونتيسا ابنة الكونت فولبي التي أقامت في القصر بعد والدها، لتأتي سنوات بعدها يتحول فيها القصر إلى متحف، يسمى (المتحف الإسلامي)، ويتم تخصيصه للعهد العثماني ومرحلة الجهاد ضد الغزو الايطالي.
يتواصل امتداد الشارع في اتجاه الشرق حيث تصعد به الأرض في استدارة من أسفل إلى أعلى، ليصل إلى جامع سيدي خليفة حيث كان في منتصف الستينيات )الشيخ الصرماني( يلقي دروسه ويلقن الأطفال ما تيسر من سور القرآن الكريم يساعده شاب في مقتبل العمر هو الشيخ علي التـير، الذي سيكون له بعد ذلك بسنوات شأن كبير، في شارع سيدي خليفة يوجد مسجدان، الأول القديم هو مسجد سيدي خليفة، بينما يسمى الثاني مسجد أبوغرارة، والغريب أن الاسمان يخصان شخص واحد هو الولي الصالح (سيدي خليفة أبوغرارة)
يقابل المسجد على الجهة الأخرى (كوشة الحاج أمحمد الصديق)، حيث ينطلق منها كل صباح سليمان ناقلا الخبز في عربة صغيرة بثلاث عجلات تسمى (تري شيكلو) لبيعه في سوق الخبز عند الباب الجديد خلف المدينة القديمة، في نهاية شارع سيدي خليفة يوجد نادي التحدي الرياضي الثقافي الذي لم يعد له وجود حاليا، بينما يقابلك مستشفى طرابلس الكبير، الذي يدعوه عامة الناس السبيتار.
أما إذا خرج من (زنقة حمامة) واتجه غربا نحو ميدان أبي هريده، فانه يسلك طريقه المعتاد للمدرسة الابتدائية مارا بمجموعة من الدكاكين التي يسكنها العُزاب القادمون من الدواخل من اجل العمل دون عائلاتهم، ليتردد أيضا على كُتاب أخر لحفظ القران الكريم في جامع (بومنديل) احد مساجد الطرف الغربي للمحلة، لا يدري من أين جاءته هذه التسمية أيضا، لكن المسجد قد تمت إزالته في توسعة الطريق المتجه إلى جامع الكتاني المعروف اليوم بجامع القدس.
لقد كان قدر هذه المحلة في ستينيات القرن العشرين أن تكون محطة الوصول لترحال الغرباء الوافدين الجدد على مدينة طرابلس، طرابلس هذه المدينة التي كانت هي كذلك مدينة العبور على مر فترات التاريخ لقد مر بها الفينيقيون والرومان والوندال والبيزنطيون والأسبان والطليان وآخرون .