منصة الصباح

الافعى المجنحة تجربة ليست للاقتداء 1

بقلم /منصور بوشناف

التعدد , و التفكيك او حتى فرق تسد , ذلك كان معول النهضة الاوروبية ضد احادية وجبروت الكنيسة , فلقد راى فنانوها ومفكروها ان احياء ثقافة التعدد التي قادت الثقافة اليونانية الى الخلود كما كانوا يرون لابد ان تكون خطوتهم الاولى للخروج من انفراد الكنيسة بكل شيء , كان التعدد كلمة السر الاهم لتلك النهضة والرقي , فتعدد الالهة واختلافها واحيانا صراعها وتنافسها كان لصالح انسان تلك الحضارة رغم كل شيء .
من ذلك الوعي انطلق فنانو ومفكرو عصر النهضة يعيدون احياء ذلك التعدد ويضعونه ايقونات ضد ايقونات الكنيسة الاحادية والمنفردة بكل التقديس , وفعلا نجح اولئك الرواد في تفكيك الكنيسة والاهم في ضرب الاقطاع في مقاتله وتفكيك امبراطوريته الى دول تستمد شرعيتها من الشعب ولا تتبع قوة متعالية .
في بدايات القرن العشرين يكتب الانجليزي ” ت . ه . لورانس” روايته “الافعى المجنحة” وهي رواية فاشلة بكل المقاييس فلم تثر ضجة كما فعلت روايته “عشيق الليدي تشاترلي” ولم يهتم بها النقاد كما فعلوا مع روايته الاولى “ابناء و عشاق” فهي لم تكن فضائحية كعشيق الليدي تشاترلي” لتمنعها المحاكم الانجليزية من النشر ولم تكن تصور حياة عمال المناجم الانجليز الشديدة البؤس لينتبه لها النقاد الانجليز كما فعلوا مع ابناء وعشاق والاهم انها كانت رواية انجليزية عن المكسيك .
انا وقعت في غرام هذه الرواية الفاشلة حين قابلتها اول مرة في سجن الكويفية عام 1978م بعد ان كنت قد قرأت غالبية اعمال هذا المهووس بالجسد والدم الساري في شرايين وعروق النساء والرجال , وتلك “الفرمونات” التي لاتتوقف عن اصدار نداءات وفحيح التزاوج والتخصيب كرسائل من دم الانثى الى دم الرجل والاهم نداءات مسيحية اوروبا لكنيستها الباردة والعاجزة عن الفعل وحنين “مسيح ” تلك الكنيسة الى وهج “كاترين” صحراء سيناء لتكوي باصابعها الحارة جراح صليبة النازفة , لذا فان مسيح انجلترا وحين ينهض من قبره يرحل هربا من البرد والموت الانجليزين الى “سانتا كاترين” لتعيد بشموس جسدها وروحها الحياة والخصب لجسده الميت بردا .
كل ذلك يفعله بطل “الافعى المجنحة” المكسيكي , ذلك المثقف الاشتراكي الفوضوي الذي يحلم بنهضة المكسييك ويرى الكنيسة وثقافتها الاوحادية والدوغمائية العقبة الكارثة ضد اي محاولة للنهضة وتحقيق العدالة , لذا يسعى وبما يملك ذلك الاشتراكي الفوضوي من ثروات كبيرة الى مواجهة الكنيسة وثقافتها باحياء اساطير وفنون ومهرجانات الوثنية المكسيكية المتعددة الايقونات والمقدسات , ليسري الدم المكسيكي حارا في عروق الامة والذي جمدته برودة مسيحية الاوروبين الباردة التي دفنت الجسد في تابوت طابوهات العذرية .

شاهد أيضاً

المنفي يبحث عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بطرابلس

  ناقش رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، عودة السفارة الصينية واستئناف عملها بالعاصمة طرابلس. جاء …