حـديـث الثـلاثــاء
مفتاح قناو
بقليل من التمعن في القدرة الإلهية العظيمة قد ندرك بعضا من القيم السامية لقوله تعالى (والسماء رفعها ووضع الميزان ) .
عندما ندقق في معاني وضع الميزان في سياق حياتنا اليومية نجد أن القدرة الإلهية العظيمة بعد أن بينت لنا أن رفع السماء عن الأرض واتساق الكون محفوظ بميزان دقيق، نجد أنها تعطينا الكثير من الأمثلة الحياتية علي اتساق ودقة الكون وانتظامه في منظومة واحدة.
الميزان بمفهومه اليومي هو مقياس الثقل والخفة، ويقصد به وضع نظام بشري لتحديد قيم بيع وشراء المحاصيل والمنتجات الزراعية والصناعية وغيرها، إلا أن الميزان موجود في كل أوجه الحياة الأخرى الأدبية والعلمية.
فالشعر موزون، ولا يمكن وصف الكلام النثري بالشعر ما لم يكن هناك ميزان محدد يتم من خلاله تقييم هذا النثر لكي ينتقل إلي خانة الشعر، و يستوي في ذلك الشعر العمودي المقفى وشعر الحداثة.
والميزان في المعادلات الرياضية أوجب أن يكون الطرف الأيمن من المعادلة مٌساويا للطرف الأيسر وإلاًّ كان ذلك إخلالا بالمعادلة الرياضية وخطأ كبيرا.
وينطبق ذلك علي المعادلات الكيميائية حيث إن المواد الكيميائية الداخلة في التفاعل الكيميائي يجب أن تساوي المواد الناتجة من التفاعل الكيميائي بعد تعاملها مع الحرارة.
ولا يختلف الأمر في الموسيقى حيث أوجب السُلم الموسيقي وميزان المقامات والنغمات علي الفنان التحرك والانتقال بينها وفقاً لمنظومة موزونة، أي خلل فيها يحدث نشازا من السهل معرفته واستهجانه.
ميزان الحياة أيضا يدفعنا للتفكير في قدرة الخالق علي توزيع المسرات والآلام بين البشر في أحقاب متوالية، فعندما تقوم حضارات في أمكنة معينة من العالم تسقط حضارات في أمكنة أخرى، وهذا التداول جزء من الميزان وقد يبتلى الله شعوبا ودولا بحروب أو زلازل أو فيضانات وقد يبتلى شعوبا أخرى بسيل يومي لا ينتهي من حوادث السيارات القاتلة.
بقي أن نعرف أن للميزان معان كثيرة فهو العدل والمقدار، وأوزن القوم أوجههم، واستقام ميزان النهار أي انتصف النهار، وشخص وزين الرأي، أي أصيل الرأي، وراجح الوزن تعني أنه كامل العقل والرأي، لذلك فكل شيء في هذا الكون موزون