بلا ضفاف
عبد الرزاق الداهش
في كل حرب نتحول نحن الليبيين إلى محاربين سلبيين، يصطف بعضنا مع طرف، وبعضنا مع الأخر.
حرب أوكرانيا ليس استثناءً من هذا الاصطفاف الليبي، حتى وإن كانت بعيدة علينا بأزيد من أربعة آلاف كيلو متر.
قطاع واسع منًا يضع عينه على شاشات التلفزيون في انتظار عواجل، تتوافق مع ميولاتنا السياسية.
طيف يتابع شبكة الجزيرة القطرية، وطيف أخر يراها متحيزة للجانب الأوكراني، ويفضل روسيا اليوم.
والسؤال لماذا ننقسم على طريق جمهور الكرة، وكأن الحرب مجرد مباراة بين الأهلي والاتحاد، أو بين برشلونة وريال مدريد؟
صحيح الحرب رفعت أسعار السلع، وهذا مؤثر بالنسبة لليبيا التي تستورد كل شي بما في ذلك معدلات التضخم.
وصحيح الحرب طيرت اسعار الطاقة، وهذ مفيد بالنسبة لليبيا التي تعيش على أول مربوط الأوبك.
وصحيح أيضا الحرب هي تفاصيل موجعة، يعني الموت، والنزوح، والفقد، وفائض أخر من العذابات.
ولكن نحن كليبيين لا نصمم انخراطنا في معسكر الضد أو المع وفقا لبرجماتية الأرباح والخسائر، أو تبعا لتقديراتنا العاطفية بين الجلاد والضحية.
نحن يحكمنا هو مزاجنا الليبي، ومزاجنا الليبي فقط فقط، ربما بسبب رواسب قديمة تجاه العالم الغربي، ولعلها ردات فعل خاصة.
المهم ثقافة الالتراس تعكس ذهنية متطرفة، من الصعب عليها القبول بما هو موضوعي، أو بما هو مختلف.
صحيح الديمقراطية ثقافة، ولكن قبل ذلك تربية يتوجب أن تكون في البيت، وفي مناهج التعليم، والشارع ومدرجات الملاعب قبل تتوفر تحت قبة البرلمان.
فالمشكلة اننا كبرنا على قاموس ضخم من العنف اللفظي، وخطاب الضغينة، وسمع الطفل كل أسماء الحيوانات.
فهل من يحفظ معلقة عمرو بن كلثوم على ظهر قلب، بوسعه فهم تعليقات المهاتما غاندي، أو منديلا وبقلب.