منصة الصباح

المسرح الأسود

حـديـث الثـلاثــاء

بقلم / مفتاح قناو
تعتبر العاصمة التشيكية براغ جوهرة العواصم الأوروبية لما تتمتع به من كنوز معمارية لا تقدر بثمن، بداية من زمن المعمار القوطي، حتى عصر الباروك وفنون الروكوكو، فلم تتعرض المدينة للدمار في الحروب العالمية، الأمر الذي جعلها تتربع على عرش الجمال المعماري دون منازع، يضاف إلى ذلك الروح المبدعة التي يتمتع بها الشعب التشيكي، ففي براغ يمكنك أن تشاهد أشياء لن تراها في أي مكان أخر.
في ساحة المدينة القديمة مازالت الجموع تتحلق حول مبنى البلدية التاريخي العتيق، الذي يحوي بتجويفه الساعة الأسطورية القديمة، ينتظرون في لهفة وقائع حركة التماثيل التي تخرج لتقترب وتبتعد من النوافذ الصغيرة الموجودة بها بشكل يتناسق مع دقات الساعة وما ترمز له هذه التماثيل من نشاطات إنسانية ومهنية واجتماعية، مرفقة بلحن موسيقي عذب يصور تلك النشاطات، هذا النحيل وذلك المغرور، يليه ملك الحصاد الذي يقرع الجرس، ثم يظهر الديك ليختم العرض بخفقة من جناحيه ،صور بارعة تدل على مهارة معمارية فائقة لصناع عصر النهضة بأدوات بسيطة.
من إبداعات براغ ما يعرف بالمسرح الأسود، وهو نوع من المسرح لا يوجد في إي عاصمة أوروبية أخرى، وقد تأسس هذا النوع من المسرح عام 1961م بواسطة فنان مسرحي كبير هو يرجي سرنتس، ويعتمد هذا المسرح على الإبهار فهو مسرح غير لفظي، يمتاز بالمرح ويمكن للسائح أن يستمتع به دون حاجة لمعرفة لغة البلاد، ويرتكز المسرح الأسود على وجود ركح على شكل غرفة مظلمة يرتدي الممثلون فيها السواد الكامل ليختفي الممثلون عن عين الجمهور ولا يكشفون إلا عن الأشياء محددة أثناء العرض، فيمكن أن تشاهد أقدام تتحرق دون باقي الجسد، أو أن يرى المشاهد جسد يطير في الهواء مع دقة في اختيار الموسيقى المصاحبة للعرض، الأمر الذي يترك عند المشاهد تأثيرات سحرية جميلة، ويمكن زيادة المتعة و الإثارة فيه بمزج أعمال سينمائية داخل العرض المسرحي.
ما تقدمه براغ للسائح الراغب في متابعة المتعة الثقافية البصرية كبير يجعل منها قبلة للملايين كل عام.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …