فتحية الجديدي
من منا ينكر أن للعيون لغتها وخصوصيتها ومفرداتها ؟ ومن منا لايعرف أن للعيون إشارات ودلالات معينة يقصد بها الفرح والحزن والحب والكره والقبول والرفض والسعادة والبؤس ، وكوننا لا نتكلم عن لغة العيون كموضوع في حد ذاته يحتم علينا الخروج بلطف من هذا العالم الذي يستفز غرورنا ويفتح قريحتنا للغوص في تفاصيله ومساحاته اللا متناهية “ وللعيون حكاية “ بل نرمي بقصدنا إلى أن الإشارات التي يصدرها الشخص للآخر ويراد بها محاكاته بأمر ما أو إيصال فكرة ما أو ربما إحساس معين هي مادعتني للكتابة في عمودي الأسبوعي هذا ، لما لحق بي من إشارات في البداية تعمدت عدم فك رموزها ولكنني وقعت ضحيتها في المرات التالية لشيء واحد هو السؤال الذي دار في ذهني : لماذا لانتفاهم بهذه اللغة التي تغنينا عن إلحاق الضرر بالآخر وممارسة عدم الإنسانية تجاهه ؟.
البعض ممن أوجدوا العداوات بمفردهم بل ويصرحون بها كي يعلنوا أنهم الأفضل –حسب اعتقادهم – أو الإعلان عن حالات الاتفاق بدل الحرج الذي قد يلازمنا شهوراً وسنين، ونحن في غنى عنه بل يقودنا للخسارة في متوسط أعمارنا ، أو تعبيراً عن الإعجاب مثلاً أو عن الحب أو – كما رأيته في عيون أحدهم – تحذيراً من خطر محدق والمطالبة بأخذ الحيرة والحذر ، أجيبهم جميعاً الأمر لا يستحق والدنيا لاتتسع للكره والأحقاد، وتستحق منا أن نعيشها كما هي ولا نلاحق شيئاً إلا للحظات التي تكفل لنا الاستمتاع بها حاضراً وتذكرها مستقبلاً فقط .