المخرج /أسامة رزق؛
حاورته /ميارصلاح الدين
عرف بالمايسترو الذهبي أمتعنا بعديد الأعمال الدرامية التي شكلت نقطة التحول للفن الليبي، بسعيه على الدوام لكسر الصور النمطية وتسليط الضوء على التفاصيل، أبدع فأثرى ليبيا بخلقه للفن المرجو والحقيقي..وفي حوار أخبرنا وصرح..
-عن البداية:
بدايته كانت كمساعد مخرج، وباعتباره محبا للمغامرة شغوفا بالتجربة وجد من خلال هذه الفرصة الكثير ليتعلمه خاصةً بعمله في عدة أعمال كانت الأولى للمخرجين أنفسهم مما دفعه للتعلم وإدراك الأخطاء والتمعن في نصائح التقنيين والفنيين من ذوي الخبرات.
-أما وعن دور الأب في مسيرة الإخراج:
فقد كان شبه جوهري خاصةً وأنه إبن المخرج الكبير عبد السلام رزق الذي رفض بدايةً دخولة المجال لخوفه على ابنه والناتج عن أسباب كان منها ضعف الإنتاج الفني الليبي والعمل المنقطع غير الثابت وعدم التناسب مابين المجهود وقلة المردود، إلا أنه وبمجرد أن أيقن صدق الإصرار والرغبة الحقيقية لديه والتي دفعته للعمل مع مخرجين أخرين انقلب الخوف لدعم وتشجيع أعقب علاقة مميزة ومختلفة عن المتعاهد في العلاقات مابين الأب والابن، فقد تخللتها المشورة المتبادلة وطرح الأراء ليعود الابن في كثير من الأحيان للعمل بنصائح والده وكأنهما زملاء عمل تربطهم الصداقة وتكمل رؤية كل منهما رؤية الأخر.
-ما جديد أسامة رزق :
أفصح لنجوم: (من الصعب الإعلان عن الجديد، لكن هنالك تجهيزات لبدء العمل على فيلم قصير مدته لا تزيد عن الساعة، من إخراجي وتأليف سراج هويدي, إلا أن التأخر الذي عرقلنا بسبب الظروف الراهنة جراء إنتشار الوباء وإغلاق الحدود مع الدولة التونسية خاصة وأن مكان التصوير المفترض هو تونس) أما بالنسبة للمسلسلات فقد صرح عن وجود مسلسلين لرمضان المقبل أحدهما تاريخي والأخر إجتماعي.
-الخطط المرتقة لأسامة رزق بعد إحداث نقلة نوعية من خلال أعماله السابقة:
أعرب عن أنه ومن خلال عمله مع المنتج وليد اللافي في شركة في شركة Art Production يمكنه القول أن جميع الأعمال مختلفة تتجه للتقدم وتهدف لتغير المتعارف في ليبيا، ويعتبر ذلك بمثابة نقطة القوة التي تضاف لرصيد الأعمال الدرامية الليبية باعتبار مافيها من تنوع واختلاف سواء في التنفيذ أو الإخراج أو أي من العناصر المكونة الأخرى..ثم أكمل الحديث عن منصة توق بكونه يتمنى توفر الدراما طوال العام في ليبيا وخاصة القصيرة، لتكون المنصة الليبية بهدفها جامعة للأسرة وللمشاهد الليبي بمختلف رغباته وأدواقه، على أمل بناء سينما ليبية تكتسح المهرجانات العالمية.
-أهم الأعمال في مسيرته:
أوضح بعدم قدرته على التمييز بين الأعمال فجميعهم بذات الأهمية عنده بغض النظر عن النجاحات من عدمها، أما تحديد أهم الأعمال فتلك وظيفة الناقد الفني.
-عن أسامة والإخراج:
أجاب حرفياً (المخرج بمعناه المهني كما يقال هو رب العمل، وذلك صحيح بما له من دور رئيسي في قيادة المشروع بدء من إختيار النص وصولًا للممثلين وفريقه التقني وصورته العامة، فنجاح أي عمل من نجاح المخرج وهو وحده من يتحمل مسؤولية نجاح أو إفشال أي مشروع)
وأكمل عن مايستويه في الإخراج (منذ أن فتحت عيناي وجدت الإخراج أمامي، ولربما ذلك يعود لوالدي وتأثري به، لكنني أيضا أجد أن شخصيتي قيادية عاشق بكل جوارحي لتركيبة الإخراج وبالتحديد لفكرة تكوين الكيان وكأنه طفلي الذي أشاهده ينمو ويكبر، وتكمن متعتي الحقيقية في مراحل تحويل العمل من حبر على ورق لمشاهد يراها الناس حيث اعتبر ذاك هو الإنجاز الذي أعبر به عن شخصيتي وقناعاتي وأفكاري، فأنا أحب فكرة كوني جزء من صناعة القصة أو كما أصفها صناعة الحلم)
وقال أيضا: (أسامة رزق فنان يحب صناعة الرسالة ومشاركة الناس تفاصيل الحلم ولا أصف نفسي إلا كصانع للفن)
-هل وجد المسرح سبيلا لأسامة رزق؟
أجاب : (لدي قناعة تامة بأن المسرح هو أساس أي ممثل محترف وحقيقي ولا وجود لفن في أي دولة دونما المسرح، كما أن الممثل الذي انغمس في التمثيل على خشبة المسرح دائما ما سيتميز عن الأخرين بأدواته وقدراته، أما عن تجربتي في العالم المسرحي فلا أجد أي احتمالية لذلك فأنا محب للصورة مع إحترامي لمختلف التخصصات).
-ما الأعمال التي يميل لها أسامة رزق؟
ذكر بأن مايهمه هو النص الساحر أكثر من اللون الفني، وأشار لكونه محب للتغير ومتعطش بشكل دائم لخوض التجارب المختلفة والجديدة.
-مواصفات الفنانين الذين ينتقيهم:
أعرب بالقول: لكل نص شخوصه ولكل شخصية شكل معين وتخيل محدد، إختياري للفنانين بناء على رؤيتي للشخصية ومن يؤديها، لكن الخيارات في ليبيا تبقى قليلة ولست مخيرًا بشكل كبير في إختياري للفنانين فالعدد محدود من الممثلين المحترفين لكل فئة، لكن ومع ذلك كل عام نتبنى بعض الأوجه الجديدة بالرغم من أن بعض الأدوار توجب في إختيارها أوجه متمكنة، كما أني أميل كمخرج للممثل المنضبط والملتزم على صاحب الموهبة ولا مجال للصداقة في إختيار الشخصيات للعمل).
-تقييمه للأعمال الدرامية خلال رمضان الماضي:
صرح قائلًا: لا يمكنني التقييم لأنني جزء من المنافسة ولذك أترك التقييم للنقاد فهو اختصاصهم، لكنني سعيد بالتنوع والجودة التي ظهرت وأرفع القبعة تقديرًا للزملاء.
-مامدى مشاركة الأعمال الليبية في المهرجانات العربية:
أعرب عن ضعف مشاركة الأعمال الليبية في حال افترضنا وجود مهرجانات عربية من الأساس حيث لم تعد المهرجانات كما السابق بذات الأهمية الحقيقية.
وفي ذات السياق أكمل بقوله (ضعف المشاركة تعود وبشكل أساسي لقلة الإنتاج خاصة وإن نظرنا لعدد الأعمال التي تنتج على مدار العام، لكننا لا نغفل عن المشاركات السابقة فقد كانت لليبيا عدة مشاركات تمثل بعضها في مسلسل فوبيا وفيلم عشوائي وفيلم السجين والسجان وقد حصدنا الجوائز ).
-ما أهم المقومات الأساسية التي يفتقدها العمل الليبي لينافس الأعمال العالمية:
صرح : المسألة ليست مسألة مقومات، فبالرغم من النقص الذي لدينا لكننا نمتلك أفضل الممثلين والمنتجين الذين يضاهون أنظارهم العرب لكن الإشكالية الحقيقية تكمن في عددهم، أما موضوع الصناعة الفنية فأكبر مشكلة تواجهنا تتمثل التقنيين فبسبب قلة الأعمال توقف دوران العجلة الفنية مما جعل الكادر التقني والفني غير مواكب للتطور في العالم ونتج عن ذلك شح في عدد التقنيين، لكنني متفائل بمشاركة أعمالنا الليبية في الفترة القريبة على مستوى المهرجانات العالمية.
-نظرته للمشهد الفني الحالي:
أخبرنا أنه يصعب وصف الحالة الحالية للمشهد الفني الليبي، فمجرد نجاح عمل أو عملين لايدل على الإزدهار حيث يقاس هذا بمجموعة من الأعمال منها الدراما والأفلام والأغاني والمهرجانات، حيث أن كلمة ازدهار فني مبالغ فيها بحال نظرنا للنتائج التي للأن تبقى محض تجارب فردية.
-سبب تراجع ما إنتاج الأعمال الليبية:
قال لنجوم: أنه لا وجود لأي تراجع فالمشكلة بالأساس أن الإنتاج الليبي لم يكن بالكثير، حيث ان الإنتاج الدرامي شحيح ولم تتوفر غير الأعمال البسيطة والمعدودة كل عام قبل 2011 ولربما لقلة الدعم الحكومي دور لكنني أجد أن دور الحكومة يجب ان يكون ثقافي كإنتاج الأفلام السينمائية، أما الدراما فيجب أن تقتصر على الشركات الخاصة لخلق بيئة تنافسية.
-سبب عدم ظهور أوجه نسائية شابة على الساحة الفنية الليبية:
كان الرد من زاوية تفكيره التي هي بالأساس تعبير عن الحال في المجتمع الليبي الذي انغلق على نفسه فقال : منذ ان صغرنا كانت ليبيا تعاني من نقص في العنصر النسائي الفني مما يجبرنا انا وغيري للاستعانة بممثلات يغطين النقص في الأدوار من جنسيات أخرى فمن غير المنطقي ان نصنع عملا فني رجالي خالصا، حيث وجود المرأة في أي عمل يخلق الواقعية للقصة.
ومن ثم تطرق لمسألة الجنسيات فأكد ان الفن لا جنسية له وجل بلدان العالم تخطوا ذاك الحاجز ليغدو الموضوع أمر طبيعي لا مشكلة فيه، ورد على من يهاجم أو ينتقد ذلك بأن عليه أن يعي حقيقة المشكلة التي تتمحور حول تفكير المجتمع ذاته ورفضه لدخول بناته للوسط تحت ذريعة العادات والتقاليد لأن فعدم وجود فنانات هو جوهر الموضوع , وأكمل بما يحسب له في هذا الصدد بقوله (قد أدخلنا 7 ممثلات ليبيات للوسط الفني) .
-الفن والثقافة إمتداد واحد يعكس مدى الوعي ومايعيشه أي شعب:
عقب قائلا: دور الثقافة مهم للغاية في حياة أي شعب فمن خلال الأعمال نسجل وثيقة تاريخية للأجيال القادمة عن الحقب التي شهدناها وعشنا أحزانها وأفراحها، والأعمال الفنية إن وصفناها فهي بمثابة أرشيف حقيقي..
ومن ثم أكمل بقوله: رغما من أن السينما معروفة بكونها تعيش أكثر من الدراما إلا أن دور الدراما هام للغاية فنحن في عصر تؤثر فيه الصورة أكثر من الكتابة.
وقال أيضًا في هذا السياق : ( بالرغم من أهمية الكتابة إلا أن انتشارها أقل وأصعب خاصة وإن قمنا بمقارنتها مع الأعمال الدرامية، وذلك يدفعنا للنظر لأهمية أن ترى الأجيال القادمة هذه الأحداث من خلال الأعمال الفنية وأيضا ليعي العالم أن الشعب الليبي ليس بشعب يعيش بين القتال والحروب وإنما من أبنائه فنانون في مختلف المجالات، ليبيا أصل الثقافة والجمال لها إمتداد ثقافي وموروثات سواء إجتماعية أو ثقافية أو معمارية أو حتى تاريخية، و أرشيفنا المرئي يشكل أهمية بالغة في عملية تجسيد كل ذلك وتوثيقه.
-ماصحة اقتصار المشاركة الفنية في ليبيا على فئة معينة من الشباب..
أجاب عن استغرابه من السؤال وقال : نحن كل عام نفتتح المجال للأوجه الجديدة للظهور واكتشافها بدء من 2013 وحتى يومنا قد أدخلنا مايقارب 60 شاب للوسط الفني، ولم نكتفي بالشباب بل أدخلنا النساء وكبار السن والأطفال.
وأكمل حديثه قائلا: من الطبيعي أن يتواجد ممثل له رصيد سابق في الأعمال الجديدة بحكم الخبرة أو تماشي شخصيته وقدراته مع الدور، لكن الأمر في حقيقته لايمث للاقتصار بأي صلة لأننا أكتشفنا ونكتشف وسنكتشف دائما، والجميع يشهد لنا بذلك.
-كلمة أخيرة في الختام..
(شكرا لكم على الحوار والأسئلة الهامة التي أتمنى أن تكون إجابتي عليها بشكل مفصل ودقيق، وشكرا لكل متابعينا، وأدعو الله ليعم الهدوء على أرجاء ليبيا وتنتهي جل المشاكل لنعمل معا لاثراء ثقافتنا وفننا ولايصاله للعالم أجمع، فليبيا جميلة ولن تكون إلا جميلة).