منصة الصباح

نميمة فضائحية جداً

زايد … ناقص

جمعة بوكليب

 

خلال الأيام الماضية، بدأت صحيفة التايمز البريطانية في نشر مقتطفات من كتاب سيصدر قريبا، بعنوان،( يوميات زوجة برلماني)، لمؤلفة، تعدّ غير معروفة، اسمها “ساشا سواير.”  المقتطفات المختارة من الكتاب والمنشورة بالصحيفة على مدى ثلاثة أعداد متتالية، أصابت كثيرين  بما يشبه الصدمة،  لجرأة المؤلفة على الخوض في تفاصيل عالم من نوع آخر، وفي قدرتها  على رفع الغطاء على أمور تعدّ، بكافة المعايير شخصية ومحرجة، ومن دون أذن أصحابها، وهم شخصيات سياسية معروفة، كانت تمسك بين أياديها مقاليد أمور البلاد.  المواضيع التي أطلعت عليها في تلك المقتطفات تتموضع في موقع حدودي غائم  بين النميمة  والفضيحة.   اليوميات كتبت بأسلوب جريء، ولا يخلو من لؤم نسوي.  وتجعل لعاب القاريء يسيل من الاستثارة،  وتفتح أمامه أبواب  عالم خفي،  يتحرك في أنحائه وممراته سياسيون محافظون، أبناء ذوات، تلقوا تعليماً راقياً في مدارس خاصة معروفة، وتخرجوا من جامعات مشهورة، ويتعنقدون في ذلك العالم متواجدين على شكل دوائر شللية. الشلة التي تنتمي لها الكاتبة وزوجها تضم رئيس وزراء سابق ( ديفيد كاميرون) وزوجته، ووزير خزانة سابق (جورج أوزبورن) وزوجته، ووزير في الحكومة الحالية ( مايكل غوف ) وزوجته الصحافية المعروفة. المؤلفة كانت صخافية، وتركت العمل بعد الزواج.  لكن، كما أتضح، فإن جرثومة الصحافة  ظلت حبيسة وحيّة تسعى بداخلها.  واعترفتْ إنها بدأتْ كتابة اليوميات سرّياً منذ اليوم الذي دخل فيه زوجها إلى البرلمان. خلال السنوات الماضية، قامت الكاتبة بتأليف عدة كتب، إلا أن دور النشر لم تقبل بنشرها، فظلت حبيسة الأدراج. وتعترف المؤلفة أنها تجرأت بنشر اليوميات، رغم علمها بما تحتويه بين دفتيها من كشف لأسرار أؤتمنت عليها، تخصّ أصدقاء مقربين، لكي تضمن نشر ما بقي مطموراً في أدراجها من مسودات كتب. وفي مقابلة أخرى تعترف الكاتبة أن السبب وراء قرارها بنشر اليوميات هو غضبها من عدم قيام رئيس الوزراء الأسبق ديفيد كامرون تعيين زوجها في منصب وزير خارجية، أو وزيراً للتنمية الدولية لأنه، حسب وصفها، يعرف كل بلدان العالم!

المقتطفات المنشورة أثارت غضب المذكورين فيها، وهاجموها اعلامياً بمقالات نارية. من أكثر اليوميات طرافة تلك المتعلقة بزيارة الملكة اليزابيث الثانية لمدينة بلفاست، حيث كانت تقيم المؤلفة مع ابنتيها وزوجها الذي يعمل، آنذاك، وكيلا لوزير شؤون شمال ايرلنده. ابنتها الصغيرة  تحلم بالعمل، حين تكبر، في عالم الجاسوسية. وكان لديها مذكرة  صغيرة تسجل فيها كل ما تسمعه وتراه من أقوال واحداث. قبل الزيارة الملكية بوقت قصير،  قام رجال الأمن بزيارة إلى المقر الذي تقيم به العائلة، وتحدثوا مع المؤلفة، وابلغوها بمواعيد الزيارة الملكية، وما يرافقها من تفاصيل أمنية مهمة في مدينة بتاريخ ارهابي قد يكون بلا مثيل، ولا مكان لحب الملكة في قلوب قرابة نصف سكانها. البنية كانت حاضرة وسجلت كل ما قيل من معلومات. بعدها قررت المؤلفة أن تأخذ ابنتها إلى مطعم لتناول وجبة غذاء. ولدى العودة اكتشفت المؤلفة ان الصبية تركت المذكرة على منضدة الطعام في المطعم، وعرفت منها أن المذكرة تحتوي كل الأسرار الأمنية  المتعلقة بالزيارة.  فاصيبت المؤلفة بالهلع، وأبلغت السكرتيرة الخاصة لزوجها بالأمر، وبدورها قامت بابلاغ الجهاز الأمني المسؤول عن الزيارة. والنتيجة: بلفاست انقلبت راساً على عقب، ولم تعد لصوابها إلا لدى تمكن العشرات من رجال الأمن من تعقب كل الأمكنة والطرقات التي صادف وأن مرت بها المؤلفة وأبنتها، وصولاً إلى المطعم، حيث تم العثور على المذكرة الخطيرة واسترجاعها.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …