منصة الصباح

 طيوب و..”تكنوفوبيا”

زايد..ناقص

جمعة بوكليب

في الفترة الأخيرة، اتصل بي صديقي الشاعر رامز النويصري، برسالة الكترونية، موجهاً إليَّ دعوة كريمة بالمشاركة، في شريط مُسجّل، بكلمة قصيرة – دقيقة واحدة – ترحيباً بمسابقة  أفضل رواية، التي أعلن عنها موقع طيوب، وأطلق عليها اسم المرحوم الدكتور أحمد ابراهيم الفقيه.

سعدتُ برسالة رامز. وسعدتُ أكثر لثقته بي، بالدعوة للمشاركة في الشريط الترويجي للمسابقة، لكني، في نفس الوقت، شعرتُ بعدم القدرة على تلبية الدعوة، لأنّي، من غير لف ولا دوران، ( تكنوفوبيك-Technophobic) بامتياز.

مصطلح “تكنوفوبيك” يطلق على أمثالي من الأشخاص، الذين يصابون بارتباك ووَجَلْ لدى تعاملهم مع وسائل وأجهزة التقنية الحديثة، ويرتعدون لمجرد فكرة أن يطلب منهم أحد شيئاً له صلة بها. ورامز، بحسن نيّة وود،  طلب منّي أن أصوّر شريطاً قصيراً لنفسي، بهاتفي المحمول، أسجل فيه كلمة ترحيب وتشجيع بالمسابقة. وأعترف أنني منذ أن أمتلكت، لأول مرّة، جهاز هاتف خليوي، لم أقم بتسجيل شريط فيديو لي أو لغيري، ولا أعرف كيف، ولم أفكر في الأمر مطلقاً. ومجرد التفكير في عمل كهذا يصيبني بالارتباك والخوف. وأنني، وهذا أعتراف آخر، أعتمد في حل كل مشاكلي مع  التقنية وأجهزتهاعلى أصدقائي، وفي مقدمتهم صديقي الكاتب غازي القبلاوي. فما أن أقع في مطب مشكلة، حتى أبادر مسرعاً وجزعاً إلى الاتصال به هاتفياً، وتحديد موعد بغرض اللقاء، ومساعدتي في حلها. وغازي بطبيعته المتسامحة يعرف ذلك، ويحاول مساعدتي، ثم يحاول أن يشرح لي كيف يمكنني أن أفعل ذلك بنفسي لو تكررت المشكلة. الغريب ان المشكلة تتكرر، وأقع من جديد، في نفس الفخ.

لكن عدم قدرتي على التعامل مع التقنية لن تقف حاجزاً بيني وبين تلبية الدعوة، وبشكل آخر أستطيعه، ويمكّنني من المساهمة في هذا النشاط الثقافي المتميّز، ومن موقع ثقافي متميّز، أسسه، ويشرف عليه شاعر وكاتب ومثقف متميّز.

أهمية المسابقات الأدبية، ليست في الجائزة، والتي لا نقلل من شأنها. لكن في قدرتها على تحريك الجمود في الوسط الثقافي، وضخّ دم حياة في شرايينه وأوردته، ولإيجاد منافذ أمام المبدعين، وخاصة من الشباب، ليقدموا ابداعاتهم، وليتنافسوا على تقديمها لجمهور القراء. واطلاق هذه المسابقة، تحديداً، وفي هذا الوقت،  أمر في غاية الأهمية، لما يعود به من فوائد جمّة على مشروعنا الليبي ثقافياً، في زمن تكاثرت فيه الذئاب بهدف افتراس حلمنا الوطني، واقصاء المثقفين والكتّاب،  وتهميش، بل ومحاولة الغاء، دور الثقافة والادب والفنون لما لها من أهمية في تنمية الوعي، وفي الرقي بالوطن وانسانه، وتطوير ذائقته الفنية، وعلاقته بالفن والجمال، وكل ما يربطنا بالحضارة الانسانية، هذا أولاً.

وثانياً، أن المسابقة تتشرف بحمل اسم واحد من أهم كتاب السرد العربي الحديث وأخصبهم انتاجاً، وأجملهم ابداعاً وهو الصديق الكاتب والروائي المرحوم أحمد ابراهيم الفقيه، الذي غاب عن دنيانا مؤخراً، تاركاً حزناً في القلب، وحُرقة في الروح، وأعترافاً بما قدّمه للأدب وللثقافة في ليبيا، وتأكيد وترسيخ اسمها على خارطة الابداع عربياً وعالمياً.

وثالثاً، أن موقع طيوب بهذه الخطوة الايجابية والنوعية يوطد أكثر على وجوده في الساحة الثقافية، ويؤكد كذلك على حضوره الدائم، وسعيه لربط الساحة الثقافة بواقعها، وبمعاناة انسانه، فنياً وجمالياً وابداعياً، وتوقه لحياة كريمة، في وطن حر وكريم.

وأتمنى أن ينتهز الكتاب المبدعون الشباب هذه الفرصة المتاحة بالمشاركة في المسابقة بابداعاتهم، وعلى أمل أن تكون المسابقة نافذة تتيح لنا التعرف عليهم، والتواصل مع  ما يطرحونه ابداعياً من رؤى وأسئلة، في واقع فَقَدَ بَوْصَلته، وصار كريشة في مهب ريح ساخنة.

 

شاهد أيضاً

من نيفيل جافا إلى أمادو سانو.. وشهر حداش

بداية نوفمبر الجاري استقبل النائب الثاني لرئيس مجلس النواب ووزير الخارجية وعدد من المسؤولين بحكومة …