الصباح/رويترز: استبق رئيس الوزراء التونسي إلياس الفخفاخ مساعي سحب الثقة منه ـ فقدم استقالته يوم الأربعاء، ليغرق البلاد في أزمة سياسية في وقت تسعى فيه للتغلب على التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس كورونا.
وذكر بيان حكومي أن الفخفاخ قدم استقالته للرئيس قيس سعيد. وقالت مصادر سياسية لرويترز إن سعيد طلب منه القيام بذلك مع تزايد الضغوط في البرلمان للإطاحة برئيس الوزراء بسبب شبهة تعارض مصالح.
ويتعين على سعيد الآن اختيار مرشح جديد للمنصب، لكن البرلمان منقسم بشدة بين أحزاب متنافسة وسيؤدي الإخفاق في تشكيل ائتلاف حكومي آخر لإجراء انتخابات.
وسيتسبب انهيار حكومة الفخفاخ بعد مرور أقل من خمسة أشهر على تشكيلها في مزيد من التأخير لإصلاحات اقتصادية عاجلة كما يُعّقد جهود التعامل مع أي تفش جديد لحالات الإصابة بفيروس كورونا بعد أن سيطرت تونس على الموجة الأولى للمرض.
وأشادت الدول الغربية بتونس لانتقالها الناجح نسبيا إلى الديمقراطية منذ انتفاضة 2011 التي أنهت عقودا من الحكم الاستبدادي على الرغم من الأزمات المتكررة، لكن العديد من التونسيين يشعرون بإحباط بالغ.
فمنذ الانتفاضة يعاني الاقتصاد من الركود وانخفضت مستويات المعيشة وتدهورت الخدمات العامة، بينما بدت الأحزاب السياسية أكثر تركيزا في الغالب على البقاء في دائرة السلطة بدلا من معالجة قائمة طويلة من المشكلات.
وجعلت الانقسامات الأيديولوجية العميقة في حكومة الفخفاخ من الصعب الاتفاق على إصلاحات اقتصادية عاجلة طالب بها المقرضون الأجانب.
وفاقمت جائحة كورونا هذه المشكلات. وتتوقع تونس الآن انكماش الاقتصاد بنسبة 6.5 في المئة هذا العام كما تتوقع عجزا يعادل سبعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وطالبت أربع دول بتأجيل سداد الديون المستحقة عليها.
وفي المناطق الأشد فقرا من البلاد قامت الاحتجاجات للمطالبة بتوفير مزيد من الوظائف وتقديم معونة من الدولة لمساعدتهم على التعامل مع التداعيات الاقتصادية، وأحيانا تقوم بحجب الصادرات من الصناعات المملوكة للدولة.
وقالت منى كريم أستاذة القانون إن الرئيس سعيد أمامه الآن عشرة أيام لتسمية مرشح جديد لمنصب رئيس الوزراء يتعين عليه أن يشكل حكومة في غضون شهر.
وأثمرت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في أكتوبر برلمانا لم يشغل فيه أي حزب أكثر من ربع المقاعد، مما تسبب في تعقيد جهود تشكيل حكومة مستقرة.
وفشل أكبر حزب، وهو حزب النهضة الإسلامي المعتدل، في محاولته الخاصة لتشكيل ائتلاف حاكم أواخر العام الماضي، ورغم انضمامه لحكومة الفخفاخ فإنه يصارع الرئيس سعيد على النفوذ منذ ذلك الحين.
وجاءت استقالة الفخفاخ في وقت كان يسعى فيه حزب النهضة لجمع توقيعات للتصويت بسحب الثقة من الحكومة. ولو كُتب النجاح لهذه العملية فإنها كانت ستعطي حزب النهضة، بدلا من الرئيس سعيد، الحق في ترشيح رئيس وزراء جديد.
وانطلقت حملة النهضة من أجل التصويت بسحب الثقة بسبب تقرير مفاده أن الفخفاخ مذنب بتعارض المصالح لحيازته أسهما في شركات أبرمت عقودا مع الدولة. وينفي الرجل ارتكاب أي مخالفات.
وانضم اثنان من أحزاب المعارضة، هما قلب تونس بزعامة قطب الإعلام نبيل القروي وائتلاف الكرامة المحافظ، لحزب النهضة في مسعاه للتصويت بحجب الثقة عن حكومة الفخفاخ.
وقبيل استقالة رئيس الوزراء كانت الأحزاب الثلاثة قد جمعت 105 توقيعات من بين 109 توقيعات مطلوبة لإجراء التصويت بحجب الثقة.