منصة الصباح

من يحكم الغابة ؟     

   عبد الحكيم كشاد

 

 

كان ابن آوى الحكيم محاضرا جيدا بين الحيوانات ..

( من يحكم الغابة ) ذلك هو عنوان محاضرة اليوم

بدأها موضحا خصال المُلك وما يجب أن تكون عليه الرعيّة

متخذا من الأسد مثالا، حين برز أرنب صغير مشاكس ..

كان مختبأ يكاد لا يُرى بين الحاضرين .. وسأله :

لماذا الأسد لا الفيل ملك الغابة ياسيدي ..

مع أن الفيل أضخم وأقوى ؟!

أجاب ابن آوى قائلا : هذا موضوع محاضرة اليوم

أيها الأرنب النبيه !

( الخصال وخصوصية هيبة المُلك ) لا تُعطى لمن هم الأقوى ..

إن القوة وإن كانت أحدى شروط المُلك ليست كلا بذاته إلا

ما أرتأت الطبيعة بموازين أخرى شأنا أخر !

انبرى الأرنب معقبا : وسيادة القوي أيها الحكيم ؟

ردّ ابن آوى : ذلك أمر مغشوش فيه أيها الأرنب

وراءه غالبا قوة لا تملك كل صلاح !

مسألة المُلك إنما مرجعها إلى قيم تتاح إلى أخصّ الخاصة

وسؤال .. لماذا الأسد وليس غيره من الحيوانات ؟

يطرح الخصال الذي أهّلته ليكون الزعيم بغض النظر على المكان  ..

أكان  سهلا أو هضابا أو أحراشا بعيدا عن دلالته المكانية ..

باعتباره بلا قانون وهذا ما يفسر حضور مفردة الغابة الأكثر دلالة ..

ونتناسى أنه القانون الطبيعي الأجلّ باعتباره القانون الأقرب ..

إلى الطبيعة من فساد قوانين البشر التي تدل في ظاهرها..

على نزاهتها وفي داخلها انحيازها للفساد بالقصور الذي يعتريها

. لذا يضرب المثل بالحيوان لا الإنسان في كثير الامور !.

وجد الإنسان ليتعلم والحيوان مصطفى بما خلق عليه

الذئب مثلا أقرب الحيونات الذي يملك في براري السهل ..

من التجربة والدهاء ما يملك صاحب الخطط مقارنة بالغابة ..

غير أن الذئب لطالما انكفئ إلى القطيع الذي ينتمي إليه

وهنا يكمن الفرق كون الذئب سيد قطيع لا أكثر ..

وهيبتة غير كاشفة لدى الحيوانات الأخرى ..

الذئب في الحقيقة مهندس بارع في بيئته

وليس من عبث كحيوان يمارس فن الخداع !

لكن برغم من ذكائه و حضوره غير المرئي  ..

ثمة نقيصة تجعلك تخافه لا تهابه !

إن هيبة المُلك شيء آخر ..

ولا  ننسى ما للمهابة من ترهيب تجعل من الخوف ..

ترغيبا مثمرا لا جبنا وضعفا قد يَهلك ويُهلك !

الأسد في هذه الحال يملك الخصلة الأولى

لوقع تلك الهيبة في نفس مع منعة الصوت ..

غير أن القوة التي تسبقها شفقة ورحمة !

تظل الأهم وتجعل القوة في خدمة الأثنتين

وإلّا تسلطت عليهما سابقة القوة وضاعتا معا !

وهو ماينقص الذئب في الواقع إذا ما نظرنا لتصرف الأسد .

داخل أسرته الصغيرة وأشباله وتتبّعه للبوته الحرون ..

وحتى أضعف الحيونات في الغابة .

وقصته مع الغزالة ليست بعيدة ،وحنوّه على وليدها ..

بعد هروب الأم الفزعة إثر ولادتها مباشرة !

آنذاك .. بدت في عينيّ الأسد نظرة لايمكن تفسيرها !!

موزّعة بين غزالة شاردة منه، ووليد بين مخالبه !

ثم مداعبته له وتركه لحين عودة الأم !

تصرّف ينبئ عما فوق طبيعة الغابة نفسها ..

بين صيّاد وفريسة !

ذلك هو الملك .

رحمة أقرب إلى التوحش

وشفقة أقرب من البطش

ونفس تأنف مكبَّ الجيف

ذلك هو الملك !.

شاهد أيضاً

بحضور المدير التنفيذي للمؤسسة الوطنية للإعلام: اختتام الدورة التي اقامتها هيئة الصحافة في مجالات الادارة الحديثة

اختتمت اليوم الخميس 21 نوفمبر بالهيئة العامة للصحافة الدورة التدريبية التي نظمتها الهيئة العامة للصحافة …