منصة الصباح

البوابات التي تقضي إلى الجنة !!

نقطة نظام

فوزي البشتي

في حديثنا عن مقاهي الوطن العربي الشهيرة نعود غلى القاهرة وندلف غلى ” الامريكين ” و” الاكسليسور ” وهي علامات فارقة في سيرة القاهرة ، حيث يمكن لك أن تشم ” النفتالين ” في حمامات ” جروبي ” وتشاهد المارة من زجاج “الامريكين “.

القاهرة كبسولة الزمن وكيمياء العناصر التي ذوبها عشق آسر في إناء فخاري ،ترشح  مسامته روائح قادمة من بعيد ، فهي من الاهرامات غلى قصر البارون ” ماريوت ” الفندق المفضل للراحل العزيز محمد أحمد الزوي ، حتى أنه سافر خصيصا من طرابلس للقاهرة ومن ” ماريوت ” كانت رحلته الأخيرة ، آخر الهوامش على تذكرة سفره مروراً بالبوابات التي تقضي إلى جنة مفقودة ، ومن عربة فروعوني مطعمة إلى عربة ” مترو” انتهاء بآخر طراز للسيارات الحديثة ، بوتقة سحرية لصهر ما لا يصهر ، فما أن يدلف الغريب إليها حتى يذوب ، ويعاد انتاجه لأنها دينامية ماصة لا طاردة حتى في زمن بدت فيه وقد اصاب معدتها الاعياء ,

قال لي صديقي الدكتور زياد علي الذي عاش زهرة شبابه في القاهرة  : ” أنها النداهة الابدية  ، لمن فتحت له الباب ” هكذا يقول  الدكتور يوسف ادريس أيضا .

كان زياد لعدة سنوات في صنعاء ودمشق والبحرين واحيانا في بيروت يصحو على فجر قاهري يفتش عنه خارج السرير فلا يلقاه ، وعندما زرت مقهى ريش ورأيت الزبائن من ابرز الفنانين والمبدعين والراحلين يقتسمون الجدران لم أجد زياداً بينهم وطلبت من صاحب المقهى أن يباعد بين نجيب سرور وجيلاني طريبشان ً ليستضيف زياداً الذي عن طريقه عرفنا مصر وحرافيشها ، ربما قبل أن يقدمهم لنا نجيب محفوظ .

لكل مدينة في العالم رحيق خاص بها ، يهتدي إليه النحل المغامر ، ليظفر بمؤونة الشتاء من الشهد

القاهرة مدينة قلما تغفو وقلما تهجع ، فالليل موصول بالنهار ولليل ظهيرته ايضا فيها ، عليك أن تبتعد عنها كي تراها كاللوحة على جدار ، ما أن تبتعد عنها ويتفلطح أنفك على بقعة لونية منها حتى تختفي .

محفوظ من ولد فيها ، وقد يكون ايضا من نام فيها  إلى الابد ، لأن ثمة من يسامره ويخفف من وحشته ، فالمدن العريقة يتحول الموت فيها إلى وعكة ، لأن الكائن جزء حميم من دورتها الابدية

هل يمكن لقارئ هذه الاوجاع أن يختزلها في عبارة واحدة ، كأن يسميها مديح المدينة !

من يشاء ذلك ، فله الحق لكن الواعز الفعلي لهذه الكتابة كما استشعر الآن على الاقل ، هو إعادة اكتشاف القاهرة بعد تجريب عشرات العواصم ، فهي تزدهر في المفاضلة ، ولمائها إصابة في صميم الروح وسويداء الحلق الناشف ، فالظلمأ قدر من غادرها ولم يجد غير السراب .

 

شاهد أيضاً

بلدية زوارة تناقش حماية التراث وتسهيل الحركة وسط تحديات المهاجرين

بلدية زوارة تناقش حماية التراث وتسهيل الحركة وسط تحديات المهاجرين

احتضنت بلدية زوارة أمس اجتماعا موسعا ضم ممثلين عن الأجهزة الأمنية لمناقشة تحديات المهاجرين غير …