بقلم : جمال الزائدي
في مثل هذا اليوم 1 مايو من العام 1886 م قام الشغيلة في مدينة شيكاغو الامريكية باضراب عام للمطالبة بتخفيض ساعات العمل الى 8 ساعات .. فقط تخفيض ساعات العمل الى معدل معقول .. لا طالبوا بتأميم المصانع ولا اعدام اصحاب العمل بالرغم من ان مدونات التاريخ المعاصر تصر على وصف هذا الحدث بأنه احتفال لاسلطوي ، شيوعي ، اشتراكي.. المهم ضمن تداعيات الاضراب ، فتحت الشرطة النار على العمال الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة غصت بها شوارع المدينة..وتم القبض على مجموعة من القيادات العمالية ، وحكم على اربعة منهم بالاعدام ..في يوم تنفيذ الاعدام كانت زوجة ” اوجست سبايز” أحد المحكومين بالاعدام تقرأ رسالة كتبها زوجها لابنهما الصغير ، يقول فيها : -” ولدي الصغيرعندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت، ليس عندي ما أقوله لك أكثر من أننى بريء، وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بابيك وتحكى قصته لأصدقائك”..
بعد ثلاثة سنوات في باريس تم احياء هذه الذكرى المؤلمة ضمن اعمال المؤتمر الاول للاشتراكية الاممية .. وفي العام الموالي اعترفت الأممية الاشتراكية في مؤتمرها الثاني بعيد العمال حدثا سنويا..
وفي عام 1958 اعتبر الكونغرس الأميركي هذا اليوم، يوم وفاء (لذكرى هايماركت) وأعلن الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور الأول من مايو يوم إجازة رسمية..
هذه باختصار حكاية يوم العمال الذي يحتفل به العالم كل عام إحياءا لتضحيات قادة العمل النقابي النضالي الذين قدموا الدماء والارواح في سبيل الحقوق التي يتمتع بها الاجراء اليوم سواء القطاعات الحكومية أو الخاصة ..
ومع هزيمة الاطروحات الاشتراكية وسقوط الاحلام الكبيرة التي بذرتها في تربة لم تكن مهيأة ..لم يبق من سبيل لاستمرار الكفاح العمالي غير سبيل العمل النقابي الذي يزداد صعوبة كلما ازدادت الرأسمالية شراسة وتوحشا ..
واذا كانت النقابات في الدول الاكثر تطورا قد حققت حضورا لافتا خلال العقود الماضية لتجبر الحكومات وارباب العمل على اصدار القوانين والتشريعات التي تحفظ للعامل انسانيته وحقه في الضمان الاجتماعي والصحي والاجازات والعطلات وتحديد ساعات العمل ، وظهرت الاحزاب السياسية التي تتخذ من العمال ومطالباتهم المشروعة قاعدة لمشاريعها وبرامجها الانتخابية..فإن المسيرة في البلاد الاقل حظا من التطور والتقدم تبدو في أولها..أما في بلادنا التي تكابد مخضا مرا منذ عقد من الزمن فنحن ننتظر أن تعود الحياة للدولة وتعود المصانع والمعامل ويعود العمال إلى آلاتهم ، لنعرف أي عدو علينا أن نصارع ..
كل عام وروح ” أوجست سبايز” حية في ضمائر الشغيلة والمناضلين من اجل الحق في حياة أفضل ..