عبدالقادر العيساوي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
26 أبريل ذكرى يجهلها الكثير من الليبيين، رغم أنه يوم مجيد في تاريخ ليبيا المعاصرة، ففي مثل هذا اليوم من عام 1963 م تمّ إعلان الوحدة المباركة، تلك الوحدة التي أُلغي بموجبها النظام الإتحادي( نظام الولايات)، وأصبحت ليبيا تُعرف باسم المملكة الليبية، بعدما كانت تُسمّى المملكة الليبية المتحدة، وصار نظام المحافظات ــ والذي يُعتبر بحق أفظل نظام إداري عرفته البلاد ــ هو السائد بعد نظام الولايات؛ حيث كانت ليبيا قبل ذلك مقسّمة إلى ثلاث ولايات: طرابلس، برقة، فزان.
عاشت ليبيا في ظل نظام المحافظات عدة عقود، غير أننا صرنا نسمع مؤخراً من يطالب بالعودة إلى الوراء، وبثّ الحياة في جسد الولايات الذي وأدناها قبل عشرات السنين، بعض هؤلاء ـــ وللأسف ــ ينتمون إلى أسرة من كان صانعا لتلك الوحدة المباركة، ومحققا لإستقلال ووحدة البلاد، وسيكتب التاريخ بحروف من نور لمن حقق تلك الوحدة آنذاك: ملك البلاد، ورئيس وزرائه الدكتور محي الدين فكيني ــ رحمه الله ــ والذي يعتبر حدث الوحدة بعضا من الإنجازات العديدة لحكومته التي لم تعمّر إلا شهوراً معدودة، كما أن التاريخ سيسجل دعوات أولئك الذين ينعقون ويتباكون على ماض تولّى إلى غير رجعة بإذنه تعالى.
إن يوم 26 أبريل هو يوم مجيد في تاريخ ليبيا، وقد كان يُعتبر عيداً من أعيادنا القوميّة، وعطلة رسمية في البلاد، حتّى جاء العهد الذي تنكّر لهذا العيد، وغيره من أعيادنا القومية كعيد الإستقلال ، وعيد الدستور، في محاولة لطمس كثير من الأيام المشرقة من تاريخنا ، وأصبح أبناؤنا الذين ترعرعوا في ذلك العهد يجهلون كل الأعياد من تاريخنا المجيد، والذي يجب أن يُنفض عليه غبار النسيان، ويُعطَى لأولئك الرجال الوطنيين الذين صنعوا تلك الأيام المجيدة في تاريخ ليبيا حقّهم من التبجيل والتكريم.
وإذا أردنا أن تعيش بلادنا في عزّة ورفعة فإنّه علينا أن نسعى جاهدين ــ ونحن نعيش الذكرى السابعة والخمسين لعيد الوحدة المباركة ــ إلى نبذ الفرقة ووأد الفتنة التي صارت تطلّ برأسها اللعين علينا من أشخاص أضرّوا كثيراً بوحدة البلاد، ونسيجها الاجتماعى مفضلين عليها الجهوية والقبلية والمناطقية والعرقيّة، ومهّدوا بتلك التصرفات الرعناء لا لأرجاعنا إلى نظام أكل عليه الدهر وشرب؛ بل إلى دعوات لئيمة من دول الغرب صارت تنادي وتعمل ما في وسعها إلى تقسيم ليبيا إلى عدّة دويلات في مخطط يستهدف بلادنا وغيرها من أقطار الوطن العربي، وإعادة تقسيم وطننا العربي من جديد كما حدث في القرن الماضي بعد الحرب العظمى فيما يعرف بمعاهدة سايكس بيكو، كما يجب علينا تكثيف الجهود من أجل توحيد الوطن وبنائه، في وقت لم تتعرض فيه وحدة الوطن واستقراره إلى ما تتعرض له اليوم من مكائد ودسائس من الداخل والخارج، والعمل على قيام نظام لا ينظر إلى الأشخاص الذين يتولّون المناصب السيادية إلا على أساس الوطنية والكفاءة العلمية بغضّ النظر إلى إنتماءاتهم القبلية والجهوية، بل وأن تكون تلك الدعوات الجهوية جريمة يعاقب عليها القانون؛ فليبيا ووحدتها هي الهدف الأسمى لنا جميعا إذا أردنا أن نرتقي ببلادنا العزيزة، ونحفظها حرة موحدة كما تركها لنا أسلافنا أمانة في أعناقنا، لنسلّمها إلى أبنائنا كما استلمناها، جاعلين نصب أعيننا ما جاء في نشيدنا الوطني:
يا بلادي أنت ميراث الجدود
لا رعــى الله يــدا تمتــد لــك
إننــا يـا لــيبيــا لــن نــخذلك