جمال الزائدي
حين يتحدث التسعيني ناومي تشومسكي في معتزله الانفرادي ..وحين يتحدث نظيره ومواطنه ، ذو القرن هنري كيسنجر ..عن عالم جديد سيبزغ من رعب الجائحة الكونية ، فإن ذلك يعني ببساطة أن الأمر سيحدث بنفس اليقين الذي ستشرق به الشمس غدا وكما يقول العرب : إذا قالت حذام فصدقوها ..فإن القول ماقالت حذام ..
هما لا يمتهنان صنعة التقازة ولايعرفان قراءة الورق والكف والفنجان والودع ..ولم يدرسا قراءة النجوم كما تفعل ماغي فرح وليلى عبد اللطيف التي يشاع أنها تنبأت بظهور الوباء في الصين قبل عام .. لكن كل منهما صاحب تجربة ثرية وطويلة في إدارة شؤون العالم والتخطيط لاقداره وخياراته ..
المخيف حين يتكلم امثال هؤلاء عن تداعيات الازمة الوبائية ..أن المرء لا يرى الخط الفاصل بين التوقعات وبين النوايا ..وغالبا يتم تغليف النوايا بالتوقعات لأن وقعها أخف على النفوس ..
بمعزل عن الهلوسات التي ترتبط بتعاطي عقار المؤامرة ..فإن الجائحة الوبائية حدث مفصلي سيكون له مابعده .. وطباخو السم في واشنطن رغم ادعاءاتهم الاكاديمية والموضوعية لايتحدثون عن الارقام المتوقعة لاعداد الضحايا أو الاثار السلبية – طويلة وقصيرة الأمد – على اقتصاديات العالم و على المستوى المعيشي لمئات الملايين من البشر الذين سيدخلون دائرة الفقر الجهنمية كي تعوض الرأسمالية خسائرها في زمن الكورونا ..
مع كل ذلك ينحاز تشومسكي لرابطة منتقدي سياسات سيد واشنطن ويصفه بالمختل اجتماعيا في معرض مقارنته بين المشاعر والعواطف التي تأججت عشية انطلاق الحرب العالمية الثانية التي عاش احداثها يافعا وبين المشاعر والعواطف المتأججة في هذه اللحظة التاريخية .. إنه لايستحي من التلميح لأوجه الشبه بين رئيس بلاده وبين أودلف هتلر ..
وبينما ينشغل وزير الخارجية ومستشار الامن القومي الاسبق وصاحب نظرية توازن الرعب ..بالخارطة الجديدة للتحالفات الدولية وميزان القوى بين بلاده وبين الصين وبقية القوى البازغة ..يتخوف تشومسكي من مؤشرات وأعراض تنبئ بانهيار وشيك للديمقراطية او على الاقل تراجعها والعودة الى نزوع الدولة نحو الاستبداد ، في ظل نزول الجيوش في بعض البلاد الغربية الى الشوارع للمساعدة في تطبيق اجراءات الحظر والوقاية والاسعاف .
المسكوت عنه أو الهامشي و غير المهم في مخاوف مفكري الهيمنة الامريكية الغربية .. هو مصير دول ضعيفة المناعة مثل ليبيا امام التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية المنتظرة .. لكن دون ان نحتاج لعبقريات فكرية تكونت في هارفارد ويال او كامبردج والسوربون ..نحن نعرف جيدا أن شفاء العالم المتحضر من آثار المرض سندفع ثمنه من مستقبل اولادنا ..وان عبورالشركات الكبرى الى بر النجاة سيكون فوق جتثنا وجتث شعوب مثلنا فائضة عن حاجة الكوكب ..