منصة الصباح

هل نتغير..؟

بقلم / جمال الزائدي

 

منذ أسابيع إشتعل الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحف الالكترونية ..حول تصور الجميع عن عالم مابعد كورونا ..

وابل من الاستفهامات امطرها السجال الافتراضي ..ترتبط في سوادها بالسؤال المثير للرعب والأمل :- إلى أي مدى سيكون العالم مختلفا بعد مرور عاصفة الجائحة الوبائية غير المتوقعة ..؟

الوحش الذي كبل ” الماكنة ” الانتاجية وأوقف لأول مرة مداخن المصانع التي تنفث سمومها منذ عقود ..أوقع بالبورصات والمحافظ الاستثمارية خسائر هائلة ..وسجن مليارات البشر في بيوتهم  ..سيطبع صورته في ذاكرة البشرية  وستظل الاجيال تستدعي قتامة حضوره كلما احتاجت الانسانية للأمثولة الاخلاقية التي تبرهن على ضآلة العلم والمعرفة  أمام مفاجآت الوجود اللا متناهي في عظمته ..

نحن الذين نعيش هذه ” التراجيديا” ..او بالأحرى من سيتبقى منا بعد انتهاء آخر فصولها ..لن ننسى تلك المشاهد البائسة التي رسمها مرور كورونا بعواصم ومدن البلاد المتقدمة في اسيا واوروبا وامريكا ..لن ننسى على سبيل المثال غناء سكان عاصمة اقليم لومبارديا  مدينة ميلانو الحزين عبر شرفات منازلهم ، وهم يهجون بمرارة خذلان شركائهم في الاتحاد الاوروبي ..كما لن ينسى سكان طرابلس من الناجين كيف أنهم وأعزاءهم الذين فقدوهم عاشوا اياما من الرعب واليائس المظلم ..بين الخوف من مغادرة بيوتهم اتقاء الاصابة بالكورونا فايروس ..وبين الخوف من البقاء في بيوتهم اتقاء للاصابة بكورونا القذائف العشوائية ..

نعم سيتغير العالم ..او هكذا نأمل ..سيعرف الطليان والاسبان ان كونهم اوروبيون فهذا لا يعني ان لديهم رخصة مفتوحة للعلاج في مستشفيات المانيا وفرنسا او الانتفاع بتقدم منظومتيهما الصحية .. سيعرفون ان هناك فضاءا ارحب من اوروبا ومركزية الحضارة البيضاء ، وهم يتذكرون المساعدات الطبية التي قدمتها الصين في حين تنكر لهم الاشقاء..

امريكا نفسها ستتواضع قليلا او كثيرا أمام درس كورونا الذي علمها ان الهيمنة على ربع اقتصاد العالم ونشر القواعد العسكرية في كامل جغرافية الارض وغزو وكالة ” ناسا” للقمر والمريخ وتطلعها للمجرات خارج درب التبانة ..وووو لايعني أنها معفية من احتمالية الفناء والاندثار بأهون الاسباب ..

ستتغير خارطة التحالفات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية على ضوء الحقائق التي عرتها المحنة ..

وربما – اقول ربما –  اعادت الرأسمالية التي تحتل كوكبنا وهي تشهد بفضل تجربة وباء كورونا ان مصير البشرية واحد، صياغة نفسها لتقترب قليلا من روح القيم الانسانية والعدالة الاجتماعية والمساواة والرحمة والشفقة ..

لاشك  أن العالم لن يكون هو نفسه العالم القديم الذي لم يعرف كل هذا العجز والضعف والضآلة .. فالبشرية عبر العصور تلميذ نجيب للكوارث والمآسي والفجائع ..

لكن بأي درس مستفاد سنخرج نحن الليبيين..  اذا شاء الله وتجاوزنا المحنة..؟ ..هل سنستوعب اخيرا أننا لسنا مبهورين ..وأننا لسنا الشعب المعجزة الذي يرعاه العالم ، بدليل أنه تركنا وحدنا في مواجهة كورونا فايروس ، وكورونا القذائف العشوائية ..دون مساعدة أو دعم غير بيانات باردة على شبكة الانترنت ..

 

 

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …