منصة الصباح

ارتفاع أعداد الإصابات بكورونا في القارة  الأفريقية

مشكلة التأمين الغذائي من أسباب تفشي المرض

كتبت : فتحية الجديدي

 

يمثل نقص الموارد ووجود أنماط غذائية غير صحية – لا ترتقي إلى مستوى رفع مناعة مواطني أفريقيا بالشكل المطلوب – وعدم امتثال الكثير من المواطنين للإجراءات الاحترازية المطلوبة أكبر هواجس للمهتمين بالصحة على المستوى الدولي والأفريقي خصوصاً, من انتشار وباء كورونا في القارة.

وفي القارة الأكثر فقراً على مستوى العالم, دفعت قلة وعي السكان سلطات بلدانها إلى اتخاذ إجراءات عنيفة – يعتبرها كثيرون مرفوضة لما لها تأثير على المواطن نفسيا واجتماعيا –   لفرض حظر التجول ومراعاة مسافات الأمان بين المواطنين الذين يتزاحمون في الأسواق الشعبية غير المنظمة أساسا وأمام مداخل المحال التجارية

لكن كثيرين يعانون ظروفا اقتصادية صعبة ومستوى معيشياً متدنياً يرون عدم فاعلية تلك الإجراءات من الأساس, في ظل تواجد هذه الأزمات التي أحاطت بهم مثل مشكلة عدم توفر السكن الصحي والفقر المتوقع وعدم وجود أهم مصدر للحياة وهو الماء!

ويطرح بعض المحللين والمتخصصين في معالجة الأزمات ومتخصصون في الطب المخبري والمناعة العديد من الأفكار ويعطون قراءات قريبة للوضع الحرج التي تمر به القارة الأفريقية ذات البنية التحتية المتواضعة , في حربها مع فيروس كورونا

أحد هؤلاء ينذر قائلاً أنه من الضروري أن ننتبه إلى هذا الملف, حيث أن أفريقيا كانت ولوقت طويل مشهداً  لظهور العديد من الأمراض, وكان لها صراع مرير مع الأوبئة، وبتفشي الوباء المستجد (كورونا) وجدت القارة نفسها أمام تحد قوي , والسبب الرئيس في ذلك عدم توفر الإمكانات بالشكل الحقيقي، فجنوب أفريقيا وحدها هي التي تملك الإمكانات للتعامل مع الجائحة , حيث تم تشخيص أكثر من ألف حالة هناك، لكن دولاً أخرى بالقارة لا تملك القدرة حتى لعمليات الكشف أصلا وتتبع سير المرض.

ويعبث الفيروس المتفشي الآن من بالقارة من شرقها إلى غربها ,وإذا أخذنا الواجهة الشمالية كمثال فإن دول المغرب العربي أبدت استعداداً لمواجهة كورونا وقد أعلنت عن ذلك منذ أسابيع, أما باقي القارة فلربما ينتشر خلالها المرض ولا تعلم حتى الأعداد الحقيقية للإصابة, لاسيما وأنها تتصدر دول العالم في انعدام المستلزمات الوقاية والدعم الطبي.

والشيء الخطير الذي يمكن أن يحدث في بعض البلدان التي تشكوا من ضعف البنية التحتية وضعف الهياكل والمنظومات الصحية وتعاني من أزمات اقتصادية هو عدم التعامل الصحيح حيال مواجهة هذا الفيروس؟ خاصة وأن كثيرا من البلدان الإفريقية تضربها أزمات غذاء، والمكوث بالبيت أثناء الحجر المنزلي وإلزام المواطنين ببيوتهم يحتاج لتمويل في هذا الجانب.

وإذا نظرنا للأمثلة في أوروبا وأمريكا, فقد اقتضى الحجر الصحي المنزلي للمواطنين تخصيص ميزانيات لعمليات إنقاذ اقتصادي سريع, علماً بأن الغذاء والمال متوفر أساسا في تلك البلدان, فما بالك بأفريقيا التي يعاني كثير من مواطنيها الأمرين للحصول على قوت يومهم.

ولا يعتقد متخصصون بالطب المخبري والمناعة أن تاريخ أفريقيا مع أمراض وأوبئة كثيرة مثل الإيدز والمالاريا وإيبولا سيشفع لها في مواجهة جائحة كورونا, فالخطر الواقعي المحدق بالقارة يتمثل في عدم جاهزية المشافي, التي لا تستوعب أعدادا كبيرة من المرضى في وقت واحد، كما أن درجة الوعي عند المواطنين بأفريقيا أقل منها عند أوروبا وأمريكا, بالإضافة لوجود مشاكل الفقر وويلات الحروب الأهلية والجهل وعدم التأمين الغذائي والمائي .. وكل ما ذكر ليس في مصلحة القارة في الأفريقية  في المرحلة القادمة.

ورغم أن هناك العديد من الدراسات التي تجري الآن في أوروبا لفهم آلية المرض وسبل العلاج التي يمكن أن تقترح سواء أن كان في بداية المرض أو في نهايته، لكن كل هذه الأبحاث والدراسات والجهد تحتاج وقتا لتخرج بنتائج إيجابية تستطيع أن تستفيد منها القارة الأفريقية التي اكتشفت فيها حالات الإصابة بعد أوروبا من حسن الحظ، ويمكن أن تعمل هذه النتائج على وقاية المواطنين الآخرين غير المصابين, مع الدعاء أن لا تنتشر الحالات حتى ذلك الوقت وتتحول القارة إلى بؤرة ومصدر وباء جديد.

لهذا وجّه علماء الطب والمختصون رسالة للعالم بضرورة مساعدة دولة القارة الأفريقية غير القادرة على استيعاب المرض ومواجهته كي لا يتفشى المرض ويضطر العالم لتنفيذ سيناريو كئيب بعزل أفريقيا عن العالم.

ومع استشراء الأنانية من كثير من البلدان المتلازمة جلياً مع انتشار الفيروس نخشى أن تقصى أفريقيا وتدفع فاتورة مرض لم تكن مسؤولة عنه بأي شكل من الأشكال, فأرضها لم تبذره وحتى انتقاله إليها لم يكن مباشراً من الصين بؤرته الأصلية, بل جاءها من أوروبا, حيث يخبرنا التتبع لمراحل انتقال المرض أن الإصابات الأولى التي اكتشفت في كل من الكونغو والجزائر جاءت طريق فرنسا وفي زيمبابوي كان الوصول من إيطاليا.

ولهذا فعلى المجتمع الدولي ومنظمة الصحة العالمية والأمم المتحدة أن يدقوا ناقوس الخطر لإمكانية انتشار الجائحة في أفريقيا, ولا يكفي إصدار بيان تحذيري فقط, لأنه لابد من وجود روافد للمواجهة وأهمها التأمين الغذائي الذي يمكن من خلاله تعزيز الحجر الصحي التقليدي الذي اعتادت عليه الدول الأفريقية بالرغم من شح المعدات الطبية وانشغال الأطقم الطبية التي كانت ترسل عن طريق جمعيات بالمجتمع المدني الغربي، كذلك الإنقاص من القلق الاجتماعي والاضطراب وحالات العنف كما حدث في السنغال، لهذا يجب التنبه لمشكلة الغذاء من قبل المجتمع الدولي قبل فوات الأوان.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …