منصة الصباح

الحجر المنزلي إعادة لاكتشاف الذات..سلوكيات.. حددتها “كورونا”

فتحية الجديدي

إن ملازمتنا لبيوتنا للوقاية من جائحة “كورونا”، هو السلوك الذي يجب أن يكون الأكثر اتباعا، وذلك من باب الحرص على أنفسنا، والتقيد بكافة التعليمات المتعلقة بالصحة والإجراءات الأخرى التي من شأنها أن تزيد من مستوى الحذر لدينا، بعد أن بتنا نتقيد بسلوكيات، ربما لم نكن نتابعها بالرغم من صحتها حتى دون هذا “كورونا” اللعين.

لذلك أصبحنا لا نلمس مقابض الأبواب إلا بعد تعقيمها، ولا نجلس في الصالون دون التأكد من مسحه بالكامل، ونقطع الخضار والفاكهة على الأسطح أو ألواح التقطيع النظيفة والسليمة، حتى أكواب وفناجين شرب القهوة والشاي؛ لا نكتفي بغسلها، وإنما بتعقيمها على الفور، ولا نأكل الطعام غير المطهو تماما، وتفضيلنا للعصائر الطبيعية المحضرة في المطبخ مباشرة، والإكثار من المكسرات، وبتنا نحرص على الاطلاع على المعلومات الخاصة بنوعية الأطعمة التي تساعدنا على تقوية جهاز مناعة الجسم.

ومن السلوكيات الإيجابية الأخرى التي ربما هجرناها لبعض الوقت، هو الاهتمام الثقافي الكبير الذي أصبح الآن ملاذا لنا ضد الملل، ولذلك تحولت الكتب من مجرد كنوز معرفية تزين أرفف المكتبة، إلى جليسة لنا لساعات طويلة، واتسعت دائرة اهتماماتنا بين الآدب والفقه والفلسفة واللغة أيضا،

واستعمال الأدوات الإلكترونية التي كانت مركونة بخزائننا التي يمكن من خلالها القيام بأعمال تسلينا أو ذات جدوىـ أو أنها تدعم نشاطنا داخل البيت، بالإضافة لمتابعة البرامج الحوارية والاستفادة من القراءات المختلفة والتفافات المتنوعة التي تشكل رصيدا لا بأس به في رفد معارفنا اليومية.

أما السلوكيات الاجتماعية التي أخذت خطا محددا في نوعية التعامل المستمر والتفكير في كيفية التخلص من المجاملات ومنع الإحراج، لذلك بات الهاتف المحمول الجهاز المسيطر في كل هذه الدائرة، من أجل الاطمئنان والمحاورة وإشباع الفضول في بعض الأحيان، والقيام بلفتات كريمة تجاه العائلة والأقارب والجيران والأصدقاء والزملاء والأحباب، وكلها يقضيها اتصال هاتفي صغير وحديث مختصر، والاكتفاء بالدعاء الذي لم ينقطع من أي بيت.

كما للحجر المنزلي فوائد نفسية جمة، لأنه إعادة لاكتشاف الذات، فنحن نحتاج إلى أن نعيد ترتيب أنفسنا في بعض الأحيان، وقراءة خياراتنا وتحديد الشكل الصحيح لأي قرار يمكن أن نتخذه، واضعين بعين الاعتبار المسؤولية في تحمل اي نتائج ذلك، مع ملاحظة أن مسألة التوقيت مهمة.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …