بقلم /سليم يونس
«إنها محاولة للإضاءة على الأحداث من زوايا أخرى، بقراءة تستهدف استنطاق الأقوال والتصرفات بما لا يفصح عنه ظاهرها، من خلال مشاكسة الظاهر من اللغة، بتفكيك محتواها عبر طرح الأسئلة المخالفة التي ربما لا ترضي الكثيرين، كونها تفتح نافذة للتفكير ربما المفارق… ولكنه الضروري، من أجل أن نعيد لفضيلة السؤال والتفكير قيمته…أليست مشاكسة»؟
كورونا مسلمة..!
«قال رجل الدين العراقي قاسم الطائي إن فيروس «كورونا» لا يصيب المؤمنين المخلصين في إيمانهم، بل لعله لا يصيب المسلمين الملتزمين بأحكام الشريعة، والفيروس عقاب للبشر على ما كسبت أيديهم».مشاكسة …كيف عرف رجل الدين الطائي أن فيروس كورونا لا يصيب المسلمين المؤمنين المخلصين الملتزمين بأحكام الشريعة؟وهل يمكن القول إنه يوجد «فيروس كورونا» له قدرة على التمييز بين المسلم المؤمن الملتزم والمخلص من غيره»؟ ثم ماذا يقول الشيخ الطائي لفايروس كورونا الذي أودي بحياة الأطفال المسلمين؟
وهل هذا يعني أن هناك فايروس كورونا مسلم وآخر كافر؟ وهل يعني أن الطائي يخطئ المرجع الديني الأعلىالسيستاني الذي أفتى بمنع التجمعات وإقامةالصلوات تيقظا لتفشي يروسكورونا؟ وبماذا يرد على الإمام خامنئي في إيران أيضا؟ ثم هل يجب أن يكتوي المسلم بهذا الوباء عامدا متعمدا لكي يتأكد الطائي، أن هذا الشخص المسلم مخلص وملتزم، وإلا فإنه يحكم عليه بالعكس؟ ثم ألا يعني ذلك إلقاء المسلم بنفسه إلى التهلكة؟ثم ماذا يقول الطائي لغير المسلمين ممن تجاوزا محنة هذا الوباء في الصين (الكافرة) وغيرها من دول العالم؟! ثم لماذا يحشر بعض رجال الدين أنفسهم في قضية ليست لها علاقة مباشرة بالدين؟ ثم أليست الدعوة إلى عدم التجمع في المساجد وغيرها، هي من باب درء المفاسد بهدف الحدمن انتشار فيروسكورونا القاتل؟
مملكة تجريم الشكوى..!
«أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية بأن حملة الاعتقال التي جرت في السعودية وطالت عددا من الأمراء لم تكن بسبب تخوف ولي العهد محمد بن سلمان من أي انقلاب محتمل، لكن بسبب نفاد صبر» ولي العهد من هؤلاء الأمراء، بعد تلقيه تقارير مفادها أنهم كانوا يشتكون منه أثناء اللقاءات العائلية».مشاكسة…هل يمكن القول إن حملة الاعتقالات التي نفذها ولي العهد السعودي بن سلمان، وطالت أفراد من العائلة الحاكمة؛ومنهم عمه وابن عمه، إنها ليست سوى دليل ضعف وعدم ثقة؟ وهل في قاموس السياسة ونظم الحكم حتى في بلاد «واق الواق» المفترضة ما يجيز أن تكون مجرد الشكوى أو التذمر الداخلي محلا للتجريم، حتى لو كانت من مسمى أمير؟
ثم هل هذا هو النموذج العصري الذي يقدمه محمد ين سلمان للعالم للقول إن السعودية في عهده، هي غير السعودية في عهود أسلافه؟ ثم إذا كانت شكوى أبناء العائلة المالكة استوجبت القبض والسجن وربما ما أكثر من ذلك، فكيف سيكون تعامله مع ما يسمى بالرعية إذا ما اشتكوا؟
لكن هل يمكن لنظام عائلي يعيش سياسيا خارج العصر بدون دستور، أن يأخذ بحرية الرأي وقيم الديمقراطية والقانون والمواطنة؟ ثم ألا تشكل حرب محمد بن سلمان علي اليمن بكل ما تركت من دمار ومآسي هذا النزوع السلطوي لحاكم السعودية الفعلي؟ ثم ألا يحق لأبناء الشعب السعودي القول لهذا الإعلام الذي يروج لما يسمى بإنجازات الأمير الشاب، فيما الواقع يسجل الحجر على الرأي والحريات، التي كان مثالها الدموي الصارخ، «تعليب» الصحفي خاشقجي،أن تصمت؟