بقلم /علي مرعي
وأخيرا قدم المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة استقالته للأمين العام للأمم المتحدة لإعفائه من مهمته ، ولكن ما هي الأسباب الحقيقية وراء الاستقالة ، لا أحد يدري ، بالرغم من أن سلامة عللها بسبب وضعه الصحي.
يرى كثيرون من المحللين والمتابعين للشأن الليبي أن المبعوث الأممي وصل إلى نتيجة مفادها أن الليبيين لم يعودوا يثقون به كوسيط محايد في أزمتهم ،وأنه يتعامل بضبابية مع جميع أطراف النزاع دون أن يكون له موقف حاسم من الأحداث الجارية سياسيا أو عسكريا ، بينما يرى آخرون بأن سلامة قدم استقالته بسبب ضغوطات مورست عليه من فرنسا والإمارات للحيلولة دون التوصل إلى نتائج إيجابية في الحوارات السياسية والعسكرية التي تجري بين الليبيين .
بصرف النظر عن تحليل هذا الطرف أو ذاك عن سبب استقالة سلامة ، فإن الرجل الذي تولى مهمته في ليبيا لحوالي سنتين ونصف السنة حاول قدر الإمكان النجاح في مهمته ولكن واجهته صعوبات وضغوطات ليس أقلها تلك الدول الداعمة للأطراف الليبية التي حاولت وما زالت وضع العصي في دواليب أي حل لإنهاء الأزمة ، ولو أن شخصا آخر غير سلامة لكان واجه نفس المصير ولربما قدم استقالته منذ الشهور الأولى لتوليه المهمة .
حقيقة يجب الاعتراف أن فشل سلامة في مهمته في ليبيا هو فشل للأمم المتحدة نفسها التي عجزت حتى الآن عن إيجاد الحلول لكثير من المشاكل العالقة في العالم ومنها ليبيا، فقد تناوب على الأزمة الليبية ستة مبعوثين بمن فيهم سلامة وكلهم فشلوا في مهماتهم ، وهذا يبين مدى ضعف الأداء الأممي في التعامل مع أحداث الدول ، أو بصورة أخرى فإن غالبية المبعوثين الدوليين سواء في اليمن وسوريا وليبيا لم يكونوا حياديين بالمطلق ، إما أنهم كانوا ينحازون إلى طرف دون آخر، أو أنهم كانوا يتلقون تعليمات من دول لها علاقة بالأحداث الجارية .
الأمين العام للأمم المتحدة عاكف حاليا على إيجاد بديل لغسان سلامة ، من هو البديل ؟ وكم سيأخذ وقتا لمعرفة الوضع الليبي وتعقيداته ، علما بأن الأحداث الجارية لا تستأهل التأخير ؟ ، هل من الممكن تعيين ستيفاني وليامز محل سلامة وهو ما وضحناه في مقالات سابقة من أن الولايات المتحدة عندما قبلت بوليامز نائبة لسلامة كان تمهيدا لتعيينها في وقت لاحق بمهام المبعوثة الدولية إلى ليبيا خصوصا وأنها أصبحت ملمة بالوضع الليبي ربما أكثر من سلامة نفسه ؟
الخطأ الأكبر الذي ارتكبه غسان سلامة في مهمته في ليبيا، أنه لم يركز في عمله على الدول التي تغذي الصراع في ليبيا وتنتهك حظر توريد السلاح لأطراف النزاع ، وحتى على المستوى الداخلي فقد كانت المجاملات طاغية على تحركات سلامة بين الشرق والغرب وكأنه كان يريد كسب ود الطرفين في آن معا، ولكن للأسف لم يكسب سوى الإدانة والشجب والتنديد حتى وصلت الأمور إلى حد المطالبة بتنحيته عن الملف الليبي.
أما وقد استقال سلامة ، فهل القادم الجديد ستكون بيده معجزة تدوير الزوايا التي عجز عن تدويرها كل المبعوثين السابقين ؟ نتمنى ذلك !!.