تواصل
بقلم /محمد الفيتوري
تظل رواندا الدولة الإفريقية التي شهدت عبر تاريخها نزاعات وصراعات أهلية خلال تسعينيات القرن الماضي أنموذجاً للتنمية ومواكبة التطور رغم تلك الظروف السيئة التي شهدتها في الماضي وراح ضحيتها أكثر من مليون رواندي سقطوا في أتون الحرب الأهلية القبلية الصاخبة والتي انتهت و تلاشت بفعل قوة الإرادة للشعب الرواندي في الحياة وكان له ذلك وأوصل بلاده إلى بر الأمان بكل جدارة واستحقاق تاركاً الماضي بكل آلامه ومآسيه خلفه ليحصد التميز التنموي ويحقق أعلى معدلات النمو ليس على الصعيد الافريقي فحسب بل تعداه إلى المستوى العالمي لتكون رواندا بلداً صاعداً وعلامة فارقة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية .
لقد صنع الروانديون من تضحياتهم سلماً نحو التطور وجعلوا من ثقافة التسامح وأعلاه مصلحة الوطن على ما عداها من المصالج أدوات للعبور نحو المسقبل الزاهر والحياة المرفهة التي يتطلع له شعب قدم تضحيات جمة وانتصر في نهاية المطاف لخياراته الصحيحة التي يجنى ثمارها اليوم ازدهارا اقتصاديا واستقرارا أمنيا وتعايشا سلميا بين جميع القبائل والطوائف جعل من رواندا قبلة للسياحة يأتونها من مختلف الأصقاع لتتمتع بما ترخر به من منتوج سياحي متميز يعود بالعوائد المادية المجزية على الاقتصاد الرواندي المتنامي.
إن رواندا استطاعت أن تخلق من نقاط ضعفها قوة وتخلفها تطورا ومواكبة للعصر وهذا دون شك لم يكن ضربة حظ أو بمحظ الصدفة وإنما كان بفعل تصميم ابنائها على الخروج من واقعهم بأقل الاضرار ونسيان الواقع بعد ذلك لصالح العمل المتواصل من أجل البناء المادي والمعنوي وتسخير كافة الامكانيات لهذا الهدف الوطني لتكون بعد ذلك النتائج في مستوى الآمال والتطلعات وتكون رواندا رقماً مهماً في معادلة التطور الانساني بشهادة المنظمات الإقليمية والدولية التي سجلت احصائياتها أرقام نمو متميزة لهذا البلد الافريقي وبمعدل نمو سنوي وصل إلى 4 % إضافة إلى أدنى مستوى في معدللات الجريمة بين الدول الافريقية على خلفية سيادة القانون والمحافظة على ضبط الشارع العام بحيث يشعر الزائر لهذا البلد بالأمن والأمان وهو يتجول في شوارع المدن الرواندية وخاصة العاصمة «كيغالي» التي وصفت بأنظف العواصم الأفريقية بيئياً وأمنياً وهكذا استطاعت رواندا الايقونة الافريقية في التنمية والرفاه أن تتحول من الإبادة الجماعية والصراعات الاهلية والفقر والجهل والهجرة إلى أن تكون من أفضل دول العالم أمناً وأماناً وقبلة للسياح والهجرة إليها للعمل والاستثمار الأمر الذي انعكس على اقتصادياتها بالإيجاب والتطور وها هي الآن قطب ووجهة لرؤوس الأموال من مختلف دول العالم لكي يقيموا المشاريع العملاقة التي تخدم روانداً وشعبها الذي بفضل إرادته وعزيمة قيادته السياسية التي كان ايضاً لها دور في النهوض من تحت ركام الماضي..
وخلاصة القول أن روانداً وما حصل فيها في الماضي القريب نسبياً وما حصل فيها الآن من تطور حضاري يمكن أن يكون درساً مستفاداً للدول الأخرى التي تشهد اوضاعاً غير مستقرة بغية الخروج من تلك الاوضاع من أجل ولوج مراحل البناء والتنمية خدمة لشعوبها وتحقيقاً لطموحاتها.