منصة الصباح

ما‭ ‬هو‭ ‬دور‭ ‬ السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬في‭ ‬صفقة‭ ‬القرن؟

بقلم /علي مرعي 

صحيح‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬وزراء‭ ‬الخارجية‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬تم‭ ‬الإجماع‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬باعتبارها‭ ‬لا‭ ‬تلبي‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬أن‭ ‬انتهى‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬حتى‭ ‬بدأت‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬وخاصة‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬بانتهاج‭ ‬سياسة‭ ‬الضغوطات‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والفلسطينيين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬،‭ ‬وليس‭ ‬لقاء‭ ‬البرهان‭ ‬بالإرهابي‭ ‬نتيناهو‭ ‬ببعيد‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬،‭ ‬وأيضا‭ ‬ما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬وزير‭ ‬الدولة‭ ‬السعودي‭ ‬للشؤون‭ ‬الخارجية‭ ‬عادل‭ ‬الجبير‭ ‬والذي‭ ‬اعتبر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جوانب‭ ‬إيجابية‭   ‬في‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبرته‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬مخالف‭ ‬للإجماع‭ ‬العربي‭ ‬وأن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تساعد‭ ‬الاحتلال‭ ‬والإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬على‭ ‬الترويج‭ ‬لهذه‭ ‬الصفقة‭ ‬التصفوية،‭ ‬واستمرار‭ ‬إنكار‭ ‬حقوق‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬العادلة‭. ‬
بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬تصريحات‭ ‬الجبير‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬خبط‭ ‬عشواء‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬من‭ ‬بنات‭ ‬أفكاره،‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬التمهيد‭ ‬لدور‭ ‬ستلعبه‭ ‬السعودية‭ ‬مستقبلا‭ ‬للترويج‭ ‬للصفقة‭ ‬وما‭ ‬ستشهده‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬تحولات‭ ‬سياسية‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬باتتا‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬تام‭ ‬لإقامة‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬وواضحة‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭. ‬
لقد‭ ‬اتضح‭ ‬مما‭ ‬لا‭ ‬يدعو‭ ‬للشك‭ ‬أبدا‭ ‬أن‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬ومصر‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬سيروج‭ ‬لصفقة‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ولا‭ ‬نستبعد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قد‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬‮«‬صفقة‭ ‬القرن‮»‬‭ ‬ورسمت‭ ‬مع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬بنودها‭ ‬ومعالمها‭ ‬،‭ ‬إذن،‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬سيهددان‭ ‬بما‭ ‬يملكانه‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬
كل‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬ينصاع‭ ‬لتوجهاتهم‭ ‬بخصوص‭ ‬تبني‭ ‬الطرح‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنهاء‭ ‬القضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬إن‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬تأكد‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬التمهيد‭ ‬لإتمام‭ ‬صفقة‭ ‬القرن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عن‭ ‬دعمها‭ ‬شراء‭ ‬عقارات‭ ‬مملوكة‭ ‬للفلسطنيين‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬القدس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬رجل‭ ‬أعمال‭ ‬إماراتي‭ ‬مقرّب‭ ‬من‭ ‬ولي‭ ‬عهد‭ ‬أبوظبي‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬زايد‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬محمد‭ ‬دحلان‭  ‬وبيعها‭ ‬للصهاينة‭. ‬
إن‭ ‬المتتبع‭ ‬لمسيرة‭ ‬الإعلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬السعودية‭ ‬والإمارات‭ ‬سيلاحظ‭ ‬مدى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تلعبه‭ ‬هاتان‭ ‬الدولتان‭ ‬لتحقيق‭ ‬سياسة‭ ‬التطبيع‭ ‬مع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬،‭ ‬فبعض‭ ‬الكتاب‭ ‬الخليجيين‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬الرافضين‭ ‬لصفقة‭ ‬القرن‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬عنها‭ ‬شيئا‭ ‬وقد‭ ‬تسرعوا‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬عليها‭ ‬،‭ ‬ويمكن‭ ‬لهذه‭ ‬الصفقة‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الفرصة‭ ‬الأخيرة‭ ‬الأفضل‭ ‬للفلسطينيين‭.. ‬وما‭ ‬دمنا‭ ‬في‭ ‬صدد‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬موقف‭ ‬السعودية‭ ‬من‭ ‬الصفقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬،
لا‭ ‬بد‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نطرح‭ ‬السؤال‭ ‬التالي‭ : ‬ألم‭ ‬تقدم‭ ‬السعودية‭ ‬عام‭ ‬2002‭ ‬مبادرة‭ ‬للسلام‭  ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بيروت،‭ ‬تهدف‭ ‬لإنشاء‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬معترف‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬وعاصمتها‭ ‬القدس‭ ‬الشرقية؟‭. ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬؟‭ ‬ولماذا‭ ‬لم‭ ‬تقل‭ ‬للرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬إن‭ ‬مبادرتنا‭ ‬فيها‭ ‬حل‭ ‬للاجئين‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬قرار‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬رقم‭ ‬194؟،‭ ‬وكذلك‭ ‬لماذا‭ ‬لم‭ ‬تتجرأ‭ ‬السعودية‭ ‬بالمجاهرة‭ ‬بمبادرتها‭ ‬أمام‭ ‬الرئيس‭ ‬ترمب‭ ‬والتي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬انسحاب‭ ‬الكيان‭ ‬الغاصب‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬احتلتها‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬هضبة‭ ‬الجولان‭ ‬المحتل؟‭.  ‬
طبعا‭ ‬السعودية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تقو‭ ‬على‭ ‬الرد‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬ترمب‭ ‬عندما‭ ‬طالبها‭ ‬بالأموال‭ ‬نظير‭ ‬حماية‭ ‬أمريكا‭ ‬لها‭ ‬،‭ ‬فكيف‭ ‬سيكون‭ ‬لديها‭ ‬الجرأة‭ ‬على‭ ‬فتح‭ ‬موضوع‭ ‬المبادرة‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتعلق‭ ‬بالانسحاب‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬حدود‭ ‬67‭ ‬؟‭ .‬
وأخيرا‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬أحد‭ ‬الكتاب‭ ‬السعوديين‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬‮«‬السعودية‭ ‬وحدها،‭ ‬موطن‭ ‬الحرمين‭ ‬الشريفين،‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تستطيع‭ ‬إقناع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية‭ ‬بدعم‭ ‬الصفقة،‭ ‬بمجرد‭ ‬موافقة‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬عليها‮»‬‭.‬

 

 

شاهد أيضاً

الخلع … بين الشريعة والقانون الليبي

 بقلم : آمنة الهشيك / أستاذ قانون ​ بعد الهجرة المحمدية وانتشار الإسلام حاول رسولنا …