عمق
بقلم /علي المقرحي
قد لا يلقى عنوان هذا المقال قبولاً عند البعض ، لكن ذلك لا يبرر التخلي عنه أو استبداله ، ولكن دون تجاهل عدم رضا ذلك البعض بل لا بد لي من تفهم كل المواقف ومناقشة كل الآراء فقد شهدت ليبيا ثورة في كل سبتمبر 1969م ، وشهدت كذلك ثورة 17 فبراير 2011م ، لا يغير من الواقع أن ننكرهما معاً أو أن ننكر إحداهما ، ولن يكون من المبالغة في شيء أن نقرر حقيقة أن ما يقرب بين الثورتين بل ويجمع بينهما ، أنهما جاءتا عن نفس الدوافع وميممة صوب ذات الأهداف ، كما أن الذين صنعوا الثورتين لم يكونوا أغراباً عنا ، بل هم منا وإلينا ، والذي يحرك الذين صنعوا سبتمبر والذين كانوا شباباً آنها جملة من الأحلام والطموحات التي كانوا يرون فيها سبيلاً للتقدم بوطنهم ومجتمعهم ، وواضح أنه ليس صدفة ، لكنه غريب بالفعل أن تلك الأحلام والطموحات هي التي تحركت بها الأرامل والثكالى والأيتام الذين أضرموا جذوة فبراير ، ومصدر الغرابة كونه يوحي بأن هذا المجتمع يبدو كما لو أمضى الحيز الزمني بين الثورتين خارج التاريخ وبمعزل عن الواقع . ولا يبدو من تفسير تلك الغرابة ممكنا إلا في إطار تلك الفترة وبين حدودها ، بحيث يتوجب أن نسأل عما كان من أمر سبتمر وطموحات الشباب الذين قاموا بها وأحلامهم « ويحسن هنا أن ننتبه إلى ضرورة التحرر من ذلك التصور النمطي المبتذل الذي يختزل ثورة سبتمبر في شخص معمر القذافي « وأن نعي حقيقة أنه ليس معمر القذافي هو من صنع ثورة سبتمبر ، بل الواقع أنها هي التي صنعته ، وذلك حتى لا نغمط مئات من الليبيين الذين صنعوها حقهم ، ثم أن نترك للتاريخ وللوقائع التي قد لا تكون ظهرت كلها ولا استبانت حقيقتها أن تظهرها ربما على أيدي الدارسين والباحثين في التاريخ والسياسة وعلوم الاجتماع والنفس الذين سييصلون ويعلنوا عنها ويحددون دلالاتها وأبعادها وانعكاساتها الحالية والمستقبلية ، أما ما هو متاحة معرفته مباشرة أو من خلال قراءة الوقائع والأحداث التي كنا شهود عيان عليها ، فلعل أبرزه ما حدث من لَيِّ لرقبة تلك الثورة ، وإيقاف لعجلة إنجاز الأحلام والطموحات التي كانت تملأ نفوس الذين صنعوها ، وكان ذلك تحديدا مع ماعرف بخطاب زوارة بنقاطه الخمس ، الأمر الذي نتج عنه ليس فقط إحباط أولئك الشباب ووأد طموحاتهم فاختار بعضهم الانسحاب ، ورفض بعضهم وثاروا في مواجهة ذلك فيما انساق آخرون مع الأمر الذي فُرض وغدا واقعاً ، بل تجاوز الذين أوصلوا القذافي إلى السلطة ليطالنا ويُخْضِعَنا نحن الليبيين جميعا لأحكام قانون طواريء غير معلن ولأيديولوجيا « إذا سلمنا بما تصفه بها الدعاية الغبية « من أنها طوق النجاة للبشرية من ديكتاتورية الشيوعية وتغول الرأسمالية ..