منصة الصباح

فارق يستحق الانتباه

بوضوح

بقلم / المحرر

 أكثر من مئة وخمسين ألف نازح في أقل من عشرة أشهر عن بداية الحرب على طرابلس، وأكثر من ثلثيهم أطفال، ونساء، زائد كبار في السن.

رقم هائل وفاجعي يضاف له رقم آخر خارج أرقام وزارة الشؤون الاجتماعية، النازحين تحولوا إلى أقاربهم، أو تدبروا أمرهم بعيدا عن لجنة الأزمة.

نعم عشرات الآلاف صاروا موزعين بين الفصول الدراسية، والبنايات السكنية، والإدارية غير المكتملة، والمستودعات المعدة لتخزين مواد البناء، والمستلزمات الزراعية.

معاناة أكثر من عسيرة، وأكثر من قاسية، وأكثر من موجعة، لأطفال، ونساء، وشيوخ، لا ذنب لهم إلا أنهم سكان مدينة طرابلس التي يسكنها ثلث الليبيين، وملاذ أمن لكل ليبي.

أطفال لا يعرفون ماذا تعني الجمهورية الخامسة، ولا ماذا تعني المذهبية الدينية، ولا المؤسسة العسكرية، ولا الدكتاتورية، ولا تنظيم القاعدة ولكن مع ذلك عرفهم النزوح، والشتات، والحياة المرة.

صغار تم أخذهم من بيوتهم، ومن مدارسهم، ومن ذاكرة أماكنهم، ليجدوا أنفسهم مكدسين في مناطق إيواء غير معدة لإيواء البشر، هربا من موت جاء إليهم بدون مبرر.

هل هؤلاء الأطفال إرهابيون؟ هل هؤلاء متطرفين إسلاميين، هل هؤلاء منخرطين في عصابات الجريمة المنظمة؟

تصوروا أن أطفال عين زارة هم أطفالك؟ تصورا أن نساء صلاح الدين هن زوجاتكم، أو أمهاتكم، أو أخواتكم؟

تصوروا هذا المشهد الكارثی؛

عيشوا كما يعيش هؤلاء النازحين، أو كما يموتون بلا موت، لا يدرون، هل سيعودون إلى بيوتهم، أو لن يعودوا ؟ ، هل مازالت لهم بيوت أو لم تعد، بعد ذلك فقط هللوا للحرب ؟.

هذا هو الفارق بين الإدارة المسؤولة، والتي تقدر معاناة الناس، وبين من لا يهمه حياتهم، قبل النظر لمعاناتهم.

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …