منصة الصباح

روائي‭ ‬من‭ ‬نيجيريا

نقطة‭ ‬نظام

بقلم /فوزي‭ ‬البشتي
 ‬ ‬يبدو‭  ‬أن‭ ‬الرواية‭ ‬النيجيرية‭ ‬تمثل‭ ‬بين‭ ‬مثيلاتها‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية‭ ‬الأخري‭ ‬رأس‭ ‬الرمح‭ ‬الثقافي‭ ‬الموجه‭ ‬إلي‭ ‬كل‭ ‬استلاب‭ ‬،‭ ‬خصوصا‭ ‬حين‭ ‬تعالج‭ ‬مسألة‭ ‬التشكيلات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تخرج‭ ‬بعد‭ ‬من‭ ‬إطار‭ ‬الموروث‭ ‬الذي‭ ‬ساد‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬الاستعمار‭ ‬المباشر‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬الظاهرات‭ ‬ذاتها‭ ‬التي‭ ‬تتكرر‭ ‬علي‭ ‬ايدي‭ ‬الحكام‭ ‬الجدد‭ ‬من‭ ‬أبناء‭  ‬البلاد‭ ‬الاصليين‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬إدارة‭ ‬كل‭ ‬أقاليم‭ ‬التخلف‭ ‬تلك‭ ‬،‭ ‬انتقلت‭ ‬من‭ ‬ايدي‭ ‬المستعمرين‭ ‬البيض‭ ‬إل‭ ‬ايدي‭ ‬الحكام‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬البلاد‭ ‬الاصليين‭ ‬الذين‭ ‬هيأوا‭ ‬أنفسهم‭ ‬لوراثة‭ ‬البلاد‭ .‬
‭ ‬وإذ‭ ‬تحمل‭ ‬الرواية‭ ‬النيجيرية‭ ‬هذه‭ ‬السمات‭ ‬عبر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬لكاتب‭ ‬واحد‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬روايات‭ ‬عدة‭ ‬،‭ ‬فلان‭ ‬الواقع‭ ‬النيجيري‭ ‬والإفريقي‭ ‬عامة‭ ‬،‭ ‬يحمل‭  ‬بما‭ ‬يتجاوز‭ ‬قدرته‭ ‬علي‭ ‬تحمل‭ ‬مظاهر‭ ‬التخلف‭ ‬ومايشيعه‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬مزدوج‭ ‬متواصل‭ ‬منذ‭ ‬عهود‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ . ‬مرورا‭ ‬بعنف‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬،‭ ‬القبلية‭ : ‬الاستقلال‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تصوير‭ ‬الانسحاب‭ ‬الاستعماري‭ ‬خلاله‭ ‬وكأنه‭ ‬السبب‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬أندلاع‭ ‬هذه‭ ‬الحروب‭ ‬ومآسيها‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬جر‭ ‬تصوير‭ ‬الحكام‭ ‬الجدد‭ ‬علي‭ ‬هيئة‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬القاصرين‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬تبعات‭ ‬مجتمعاتهم‭ ‬بعد‭ ‬حصولها‭ ‬على‭ ‬استقلالها‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬المأسوي‭ ‬وشبكة‭ ‬علاقاته‭ ‬المعقدة‭ ‬،‭ ‬أدرك‭ ‬روائيو‭ ‬نيجيريا‭ ‬بؤس‭ ‬هذا‭ ‬التصوير‭ ‬المنفعل‭ ‬لواقع‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬بلادهم‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬النتائج‭ ‬يظهر‭ ‬العنف‭ ‬كأحد‭ ‬ابرز‭ ‬ما‭ ‬ترتكز‭ ‬عليه‭ ‬رواية‭ ‬فيشسي‭ ‬ايابي‭(‬عنف‭) ‬وهو‭ ‬عنف‭ ‬مزدوج‭ ‬،‭ ‬عنف‭ ‬الدولة‭ ‬وعنف‭ ‬المجتمع‭ ‬،‭ ‬وقسوة‭ ‬بعض‭ ‬فئاته‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬يسود‭ ‬العائلة‭ ‬الواحدة‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬عنيفة‭ ‬وايضا‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬من‭ ‬تعاط‭ ‬للمجتمع‭ ‬مع‭ ‬وحدته‭ ‬الصغيرة‭ (‬العائلة‭) ‬وما‭ ‬يمارسه‭ ‬من‭ ‬تمييز‭ ‬واضح‭ ‬بين‭ ‬افراده‭ ‬وشرئحه‭ ‬وفئاته‭ ‬المختلفة‭ ‬العنف‭ ‬الذي‭ ‬تبرزه‭ ‬الراوية‭ ‬هو‭ ‬الشكل‭ ‬الأدبي‭ ‬الملطف‭ ‬لما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬،‭ ‬فالروائي‭  ‬يميز‭ ‬بين‭ ‬مستويات‭ ‬متعددة‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬روايته‭ ‬للأحداث‭ ‬وأن‭ ‬كا‭ ‬أيابي‭ ‬قد‭ ‬ذهب‭ ‬بعيدا‭ ‬في‭ ‬تحديدة‭ ‬للعنف‭ ‬وكيفية‭ ‬الرد‭ ‬عليه‭ ‬وتميزه‭ ‬بين‭ ‬العنف‭ ‬والفعل‭ ‬الوحشي‭ ‬وما‭ ‬يستدعيه‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬مضاد‭ ‬طبيعي‭ ‬أو‭ ‬غريزي‭ ‬بمعني‭ ‬ما‭ ‬خانه‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬كان‭ ‬ينحاز‭ ‬إلي‭ ‬بطلة‭ ‬ايديهوديا‭ ‬في‭ ‬دفاعه‭ ‬الطبيعي‭ ‬عن‭ ‬النفس،‭ ‬والي‭ ‬رفاقه‭ ‬المعدمين‭ ‬من‭ ‬ابناء‭ ‬الشعب‭ ‬الذين‭ ‬يضطرون‭ ‬لبيع‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬دمائهم،‭ ‬فعلا‭ ‬لا‭ ‬مجازا‭ ‬،‭ ‬كي‭ ‬يستمروا‭ ‬علي‭ ‬قيد‭ ‬الحياة‭ .‬
‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬يطحنهم‭ ‬ويسحق‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬فيهم‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬وحيوية‭ ‬،‭ ‬وإذ‭ ‬ينتصر‭ ‬أيابي‭ ‬في‭ ‬روايته‭ ‬لبطله‭ ‬،‭ ‬فلانه‭ ‬يستحق‭ ‬ذلك‭ ‬بجدارة‭ ‬مرات‭ ‬عديدة‭ ‬،‭ ‬وفي‭ ‬صراعه‭ ‬مع‭ ‬الموت‭  ‬في‭ ‬المستشفى‭ ‬ثانيا‭ ‬وفي‭ ‬صراعه‭ ‬مع‭ ‬بورجوازية‭ ‬المدينة‭ .. ‬ثالثا‭ ‬وليس‭ ‬أخيراً‭ ‬في‭ ‬صراعه‭ ‬مع‭ ‬أفكاره‭.‬

شاهد أيضاً

كتاب “فتيان الزنك” حول الحرب والفقد والألم النفسي

خلود الفلاح لا تبث الحرب إلا الخوف والدمار والموت والمزيد من الضحايا.. تجربة الألم التي …