منصة الصباح
المخدرات.. اختلفت الأنواع والكارثة واحدة

المخدرات.. اختلفت الأنواع والكارثة واحدة

الصباح/ سعاد الفرجاني

تشير الأرقام الرسمية إلى تصاعد خطر المخدرات بين الشباب في ليبيا، حيث استقبل المركز الوطني لعلاج وتأهيل المدمنين “430” مريضًا خلال الربع الأول من عام 2025، موزعين على “30” منطقة ومدينة ليبية..

وتمثل الفئة العمرية بين “16 و30” عامًا الغالبية، ما يعكس هشاشة الشباب أمام انتشار التعاطي، وتأثيراته المباشرة على صحتهم الجسدية والنفسية والاجتماعية..

كما تظهر التقارير أن المضبوطات الضخمة خلال عام “2024”، بما في ذلك أكثر من “8” ملايين قرص مهلوس، و”759″ كيلوغرامًا من الكوكايين، تؤكد اتساع السوق السوداء للمخدرات في البلاد، في حين تم تسجيل “2079” متهماً في قضايا المخدرات..

هذه المعطيات تؤكد أن التعاطي لم يعد مجرد مشكلة فردية، بل تهديدًا متناميًا للبنية الاجتماعية والاقتصادية، ويستدعي تضافر جهود أجهزة المكافحة والجهات العلاجية والتربوية..

منصة “الصباح” التقت الناطقَ الرسمي باسم جهاز مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، المستشار الدكتور “محمد عبدالرحمن الفيتوري”، الذي كشف عن طبيعة المخدرات وتأثيراتها على الشباب، وأشار إلى التحديات التي تواجه الأجهزة، ونبَّه إلى ضرورة جهود التوعية والردع القانوني لحماية الشباب من الانغماس في الإدمان..

◉ جريمة ناعمة

كشف الدكتور “محمد الفيتوري” أن المخدرات هي مواد طبيعية أو مصنّعة، تحدث تأثيرًا مباشرًا على الجهاز العصبي المركزي، وتُحدث اعتمادًا نفسيًا أو جسديًا، أما المؤثرات العقلية فهي مواد كيميائية تُحدث تغيّرًا في الإدراك، والمزاج، والوعي، وغالبًا ما تُستخدم طبيًا قبل أن تُسيء إليها الشبكات الإجرامية في الترويج، موضحًا أن كلاهما يقع ضمن منظومة واحدة من حيث الخطورة ويخضعان للتجريم الدولي وفق الاتفاقيات الثلاث..

وعزا إلى أن بعض المؤثرات العقلية أكثر قدرة على التلاعب النفسي، خاصة بين الشباب..

◉ ناقوس الخطر

وأشار إلى أن الترابط بين التعاطي والجريمة والعنف الأسري مباشر وواضح، أن نسبة كبيرة من قضايا القتل الأسري، والاعتداءات الجسدية، والسطو، والسرقة بالإكراه مرتبطة بتعاطي مواد مثل “الكبتاغون، والكوكايين، والحبوب المهلوسة”، داعيًا إلى الانتباه، لأن التعاطي أصبح أحد أهم المحركات الخفيَّة للجريمة في ليبيا..

◉ اختراق ناعم

وأكد “الفيتوري” أن الجرعات المتكررة من المؤثرات العقلية، تخلق حالة من تآكل القيم، وانهيار الضوابط، والتطبيع مع السلوك المنحرف، مشيرًا إلى أن هذا ما يُعتبر اختراقًا ناعمًا للمجتمع، يستهدف الهوية، والعقيدة، والوعي المجتمعي، ويهدف إلى تفتيت الأسرة وإضعاف المجتمع من الداخل..

◉ الرقعة الجغرافية

وأوضح أن أبرز التحديات التي تواجه جهاز مكافحة المخدرات تشمل: محدودية الإمكانات التقنية والمخبرية، واتساع الجغرافيا الحدودية المفتوحة، وتطور شبكات الجريمة المنظمة، ونقص التشريعات الرادعة، وضعف التنسيق بين بعض الجهات نتيجة الازدواجية المؤسسية، مؤكداً على أن الجهاز يواصل أداء مهامه بكفاءة رغم الظروف..

◉ منظومة الوقاية

ودعا إلى تفعيل الردع القانوني الحقيقي، ودعم الجهاز فنيًا وتقنيًا، وتطوير منظومات الكشف المبكر، وإطلاق برامج توعوية مستدامة، ومكافحة المحتوى الرقمي الترويجي عبر المنصات، وإشراك الأسرة والمدرسة في الوقاية المبكرة، موضحًا أن الحل الأمني وحده غير كافٍ، ولا بد من منظومة متكاملة..

* غياب الردع

وعزا “الفيتوري” انتشار التعاطي إلى ضعف الرقابة الأسرية، وتراجع دور المدرسة، وانتشار البطالة، وسهولة الوصول للمخدرات، مشيرًا إلى أن غياب الردع القوي—وخاصة تجاه المروّجين—سمح بوجود بيئة خصبة للتمدد..

◉ فوارق طبقية

وأكد أن تجارة المخدرات أدت إلى تعميق الفوارق الطبقية، حيث أصبحت بعض الفئات الإجرامية ثرية بشكل غير شرعي من الاتجار، مقابل فئات فقيرة تدفع الثمن من صحتها وحياتها..
منبها إلى أن هذا الأمر يشكل خللًا اجتماعيًا خطيرًا، ويغذي دورات جديدة من الجريمة..

◉العرض اكبر من الطلب

وبيَّن “الفيتوري” أن ليبيا اليوم تُعد منطقة عبور رئيسة، وبالتالي العرض أكبر بكثير من الطلب، مشيرًا إلى أن جزءًا من هذه المواد—خصوصًا الحبوب والكوكايين—بدأ يتسرب للسوق المحلي، ما رفع معدلات الاستهلاك..

◉ دعم يُغرق السوق

وأوضح أن مصطلح مخدرات “مدعومة”، يعني أن أسعار بعض المواد انخفضت بفعل تدخل شبكات دولية، تطرح كميات كبيرة في السوق لتحطيم أسعار المنافسين، وإغراق الشباب، وتحويلهم لضحايا سهل التحكم بهم، موضحًا أن هذا الأسلوب معروف في حروب الجيل الرابع..

◉ صمت المدارس

وأشار إلى أن استهداف الثانويات والجامعات خطير، حيث يتم استغلال الطلبة كمروجين مقابل مبالغ بسيطة، ويؤدي انتشار أقراص ذات تأثيرات خطيرة على السلوك والانضباط والتحصيل الدراسي، إلى سهولة الإدمان السريع لدى صغار السن، وانهيار القيم والأمن داخل المؤسسات التعليمية..

◉ الضبطيات الكبرى

وكشف “الفيتوري” أن ضبطيات ميناء الخمس، والعمليات في بنغازي، وغيرها، كشفت وجود شبكات دولية تستخدم ليبيا كممر رئيس، ووجود محاولات لإدخال كميات ضخمة تتجاوز حاجة السوق المحلي، وتطور أساليب الإخفاء والتهريب داخل شحنات غذائية وتبريد، مؤكّدًا ارتباط بعض الشبكات بتمويل الإرهاب والجريمة المنظمة..

◉ القضاء الصارم

ودعا إلى تفعيل مواد القانون بصرامة، وتنفيذ الأحكام دون تأخير، وربط القضايا ببعضها لكشف الشبكات الكبرى، مبينًا أن المروّج يجب اعتباره تهديدًا للأمن القومي وليس مجرد مخالف..

◉ العلاج المتكامل

وأوضح أن المنظومة الحالية تعاني نقصًا في الكوادر المتخصصة، ومراكز إعادة التأهيل، وبرامج الدمج الاجتماعي، والدعم النفسي المستدام، مشيرًا إلى الحاجة إلى بنية وطنية متكاملة لعلاج الإدمان..

◉ التوعية الإعلامية

وكشف “الفيتوري” أن البرامج التوعوية تحتاج إلى تطوير واستدامة وعمل مؤسسي، مؤكدًا أن التعاون الإعلامي قائم، لكنه لا يقاس بحجم التهديدات، داعيًا إلى إعلام متخصص في الوقاية والتثقيف..

◉ الوقاية المبكرة

ونبَّه إلى أن البرامج الوقائية موجودة، لكنها متفرقة وغير مُلزمة للمؤسسات التعليمية، موضحًا أن الحل يكمن في إدماج برامج الوقاية ضمن المناهج، وتنفيذ حملات دورية في المدارس والجامعات والأحياء..

◉ بيانات حديثة

وأكد أن الأرقام تؤكد وجود ارتفاع في المؤثرات العقلية، مقارنة بالمواد التقليدية، موضحًا أن الفئات الأكثر عرضة هي فئة الشباب من “16” إلى “30” سنة، وعزا الزيادة في الانتشار إلى التزايد الملحوظ للحبوب المهربة منذ بداية العام، ما يُعد ناقوس خطر حقيقي..

شاهد أيضاً

حصيلة مميزة لأبطال ليبيا في اليوم الثاني من البطولة الإفريقية للكاراتيه

حصيلة مميزة لأبطال ليبيا في اليوم الثاني من البطولة الإفريقية للكاراتيه

واصل أبطال ليبيا تألقهم في منافسات البطولة الإفريقية المفتوحة للكاراتيه التقليدي والموحد المقامة بجمهورية مصر …