تحقيق / إبراهيم الحداد
تروي حقول الشعير الليبية تاريخًا طويلاً من التكيّف مع بيئة شبه جافة، حيث اعتمدت الزراعة تقليديًا على مياه الأمطار الموسمية في الساحل، في بلد لا توجد فيه أنهار طبيعية ويعد من أفقر الدول من حيث هطول الأمطار. هذا الاعتماد خلق علاقة وثيقة بين المزارع والمناخ، فكان الشعير، بفضل تحمله الجفاف، الخيار الأمثل مقارنة بالقمح الأكثر حاجة للماء.
إنبات في الصحراء الكبرى ليبيا من الدول الرائدة في الزراعة الصحراوية لوجود مخزون مائي ضخم في أحواض صحرائها، مع أكثر من 3000 مشروع زراعي كبير، متفوقة على دول تمتلك أنهارًا لكن أراضيها أقل خصوبة. هذه الزراعة مرتبطة بحضارات قديمة كالرومان والجرمنت الذين استوطنوا واحات فزان.
ليبيا الاولي افريقيا

وفق رئيس جمعية حبوب فزان، تمتلك فزان نحو 2000 دائرة زراعية بالري المحوري لمساحات 50 هكتارًا، تزرع القمح والشعير والذرة، إضافة إلى مشاريع الكفرة (100 دائرة)، السرير (237 دائرة)، مكنوسة في وادي عتبة (90 دائرة للذرة)، والدبوات في وادي الشاطئ (63 دائرة للقمح). وهناك مئات المزارع المحورية في الغدوة وأم الأرانب والسمنو وتمسة والقطرون، مع خطط لتركيب 500 دائرة إضافية في 2025 للوصول إلى 1000 بحلول 2030.
أنواع الحبوب والإنتاج الشعير يحتل المرتبة الأولى تاريخيًا بنسبة نحو 79% من مساحة المحاصيل، يليه القمح والذرة. عام 2010، بلغ إنتاج القمح 120 ألف طن، والذرة 21 ألف طن، بينما وصل استهلاك الشعير في 2012 إلى نحو 197.9 ألف طن، مع زيادة الاعتماد على الاستيراد بسبب التغيرات المناخية.

عجائز يخفون السر يمثل شعير التاريدة أو “الشعير الأسود” مثالًا على التكيف التاريخي، وطُبع على العملة الليبية القديمة كرمز وطني، يتركز في حوض مرزق بإقليم فزان، في بيئة صحراوية قاسية رغم خصوبة الأرض وعذوبة المياه.
المزارعون التقليديون يحتفظون بالبذور في أقبية طينية، محافظين على نقائها الجيني بعيدًا عن جشع الشركات العالمية، مع جهود حالية لإحياء هذا الصنف كجزء من الهوية الزراعية الليبية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية