في تصريحات صادمة لـ بي بي سي نيوز، أطلق سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت (الشركة الأم لجوجل)، تحذيراً صريحاً من الطفرة الاستثمارية الحالية في قطاع الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى وجود عنصر من “اللاعقلانية” يحيط بالتدفق المالي الهائل الذي بلغ مستويات غير مسبوقة.
هذا التحذير، الذي يتردد صداه مع تحذير آلان غرينسبان من “الوفرة غير المنطقية” قبيل انفجار فقاعة “الـدوت كوم” عام 2000، يثير مخاوف جدية بشأن استدامة تقييمات الشركات التكنولوجية العملاقة.
يأتي تصريح بيتشاي في وقت تضاعفت فيه قيمة أسهم ألفابت نفسها لتصل إلى 3.5 تريليون دولار، وسط منافسة شرسة لتطوير شرائح الذكاء الاصطناعي المتخصصة التي تنافس هيمنة إنفيديا، الشركة التي بلغت قيمتها مؤخراً 5 تريليونات دولار.
كما ينصب التركيز على الشبكة المعقدة من الصفقات بقيمة 1.4 تريليون دولار المحيطة بـ “أوبن إيه آي”، والتي تبدو إيراداتها المتوقعة هذا العام متناهية الصغر مقارنة بالاستثمار المخطط له فيها.
وأقر بيتشاي بأن الصناعة “يمكن أن تتجاوز الحد” في دورات استثمارية كهذه، مشبهاً الوضع بما حدث في طفرة الإنترنت، حيث كان هناك “الكثير من الاستثمار المفرط”، لكن لاحقاً أصبح الإنترنت تكنولوجيا عميقة لا يمكن التشكيك في قيمتها.
ويؤكد بيتشاي أن الذكاء الاصطناعي سيكون بنفس العمق.
وعند سؤاله عما إذا كانت غوغل بمنأى عن أي انفجار محتمل لهذه الفقاعة، حذر بيتشاي بوضوح قائلاً: “أعتقد أنه لن تكون هناك أي شركة بمأمن عن ذلك، بما في ذلك نحن”.
مع ذلك، يرى رئيس ألفابت أن نموذج “غوغل” الفريد يضعها في موقع دفاعي أفضل لتجاوز أي اضطراب محتمل في السوق.
هذا النموذج يعتمد على امتلاك “مجموعة كاملة” من التقنيات، من تطوير الرقائق الفائقة التخصص المنافسة لرقائق إنفيديا، إلى امتلاك بيانات يوتيوب الضخمة، والنماذج المتقدمة.
هذا التكامل، بحسب بيتشاي، يمنح الشركة مرونة أكبر مقارنة بالشركات التي تعتمد على سلسلة إمداد أو تقنية واحدة.
لم تقتصر مقابلة بيتشاي على الشق المالي، بل تطرقت إلى تحديين وجوديين يواجهان ثورة الذكاء الاصطناعي:
احتياجات الطاقة الهائلة: حيث حذر بيتشاي من المتطلبات “الهائلة” للذكاء الاصطناعي من الطاقة، مشيراً إلى أن الاستهلاك بلغ 1.5% من الاستهلاك العالمي للطاقة العام الماضي.
وأقر بأن هذا التوسع المكثف سيؤثر على وتيرة تحقيق الأهداف المناخية للشركة، رغم إصراره على التزام ألفابت بتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2030 عبر الاستثمار في تقنيات الطاقة الجديدة.
تأثيره على سوق العمل: وصف بيتشاي الذكاء الاصطناعي بأنه “أعمق تكنولوجيا عمل عليها الجنس البشري”، محذراً من الاضطرابات المجتمعية التي سيحدثها في الوظائف، لكنه أشار إلى أنه سيخلق فرصاً جديدة.
وشدد على أن التكيف هو المفتاح: “الأشخاص الذين سيتفوقون في كل واحدة من هذه المهن، هم الأشخاص الذين سيتعلمون كيف تستخدم هذه الأدوات”.
و على الرغم من تحذيراته بشأن السوق، أكد بيتشاي التزام ألفابت بالاستثمار في بريطانيا، حيث التزمت الشركة بتقديم 5 مليارات جنيه إسترليني حوالي 6.6 مليار دولار في البنية التحتية والأبحاث على مدى العامين المقبلين، لتطوير أعمال بحثية “من أحدث طراز” وتدريب نماذج غوغل للذكاء الاصطناعي في بريطانيا، وهو ما تراه الحكومة البريطانية خطوة لترسيخ مكانتها كقوة عظمى ثالثة في المجال.
تصريحات بيتشاي، التي تأتي بعد تحذير مماثل من رئيس “جي بي مورغان”، جيمي دايمون، ترسم صورة معقدة لسوق الذكاء الاصطناعي: تكنولوجيا عميقة ومستقبلية لا يمكن الاستغناء عنها، محاطة بموجة من التفاؤل المالي غير المضمون، وبتحديات طاقة وبيئية تتطلب معالجة فورية.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية