إعداد: تقوى البوسيفي
حلم العودة إلى الولادة الطبيعية
تسعى العديد من النساء إلى تجربة الولادة الطبيعية بعد القيصرية، رغبةً في تجنّب الجراحة ومتاعبها واستعادة شعور السيطرة على مجريات الولادة.
لكن هذا الخيار، المعروف طبيًا باسم VBAC (Vaginal Birth After Cesarean)، يظل قرارًا دقيقًا يتطلب موازنة دقيقة بين رغبة الأم وتقدير الطبيب.
توضح الطبيبة ماوية الساعدي، أخصائية النساء والتوليد، أن الولادة الطبيعية بعد القيصرية
“خيار ممكن وآمن نسبيًا، لكن بشرط أن تُقيَّم الحالة بدقة وأن تكون كل الظروف مناسبة.”
متى يُسمح بالولادة الطبيعية بعد القيصرية؟
تؤكد الساعدي أن السماح بولادة طبيعية بعد القيصرية يعتمد على مجموعة من المعايير الطبية الدقيقة، أبرزها:
• أن يكون الحمل الحالي طبيعيًا دون مضاعفات.
• أن تكون الأم قد خضعت لعملية قيصرية واحدة فقط.
• أن تكون قد مرت سنة على الأقل على العملية السابقة.
• أن يكون وضع الجنين في الحوض مناسبًا، والحوض نفسه مهيأ للولادة الطبيعية.
• أن يكون وزن الجنين ملائمًا لولادة طبيعية آمنة.
وتشير إلى أن
“نوع شق العملية السابقة، سواء كان طوليًا أو مستعرضًا، لا يشكل فارقًا حاسمًا، بقدر ما يهمّ الوضع العام للحمل والحوض والجنين.”
متى يُمنع هذا الخيار تمامًا؟
توضح الطبيبة ماوية أن محاولة الولادة الطبيعية تُمنع نهائيًا في الحالات التالية:
• عند وجود أكثر من عملية قيصرية سابقة.
• في حال إصابة الأم بأمراض مزمنة غير مستقرة.
• إذا كانت هناك مضاعفات سابقة خطيرة مثل تمزق الرحم أو نزيف حاد.
وتضيف بلهجة حاسمة:
“إذا كانت السيدة قد أجرت عمليتين قيصريتين أو أكثر، فلا يُسمح لها بولادة طبيعية مدى الحياة، لأن احتمال تمزق الرحم يكون مرتفعًا جدًا ويهدد حياة الأم والجنين.”
فوائد الولادة الطبيعية بعد القيصرية
ترى الساعدي أن الولادة الطبيعية، عندما تتم بنجاح، تمنح الأم مزايا صحية عديدة، أبرزها:
• تقليل مخاطر العمليات الجراحية المتكررة مثل الالتصاقات والنزيف.
• تعافٍ أسرع وعودة للحياة اليومية في وقت أقصر.
متابعة دقيقة واحتياطات ضرورية
تؤكد الطبيبة ماوية أن نجاح الولادة الطبيعية بعد القيصرية لا يتحقق إلا بـ متابعة طبية دقيقة وتجهيز مسبق لاحتمالات الطوارئ.
“نحن نتابع الأم لحظة بلحظة بجهاز مراقبة الجنين، وإذا لاحظنا أي مؤشرات خطر، ننتقل فورًا إلى القيصرية حفاظًا على حياة الأم والطفل.”
وتشدد على أهمية توفر غرفة عمليات مجهزة في المستشفى لإجراء قيصرية طارئة في حال تعذر استمرار الولادة الطبيعية بأمان.
بين رغبة الأم وتقديرات الطبيب
تشير الساعدي إلى أن العديد من الأمهات يُبدين رغبة قوية في الولادة الطبيعية بعد القيصرية،
“لكن القرار في النهاية يجب أن يكون طبيًا بحتًا، مبنيًا على تقييم واقعي لحالة الرحم والحوض والجنين.”
وتضيف “نحن لا نحرم الأم من حلمها، ولكن مسؤوليتنا أن نمنع الخطر قبل أن يحدث.”
خلاصة القول الولادة الطبيعية بعد القيصرية ليست مغامرة ولا تحديًا، بل خيار طبي مشروط بالحذر والتقدير.
فبين أمل الأم في تجربة ولادة طبيعية، وحكمة الطبيب في تقييم المخاطر،
يبقى الهدف الأسمى هو سلامة الأم والمولود، لأن كل ولادة ناجحة لا تُقاس بطريقتها، بل بنهايتها السعيدة.
منصة الصباح الصباح، منصة إخبارية رقمية