نقطة نظام
بقلم / فوزي البشتي
رواية نورالدين فرح الأولى كتبها عام 1968م بعنوان “من ضلع اعرج” والرواية الثانية كتبها عام 1976م بعنوان “إبرة عارية” وله ثلاثية بعنوان “تنويهات إفريقية” الجزء الأول منها بعنوان “اقفل ياسمسم” ، وتأتي روايته التي اختار لها عنوان “الهبات والهدايا” بعد كل الروايات التي شكلت بداياته ، وتدور أحداث هذه الرواية في اواخر سبعينيات القرن الماضي، وموضوعها سياسي مباشر وموجه ، ملئ بالحقائق والبيانات المنسوبة إلى وكالة الأنباء الصومالية، أو منقولة من صحف صومالية عن التصحر والجفاف والمجاعة والمعنويات الأجنبية ، مع أن هذه البيانات لاتشكل جزءاً عضوياً في البناء الروائي ، وإنما حشرت في سياق كتابات بطل الرواية الذي يعمل صحفياً، وقد استلم نورالدين فرح فكرة الرواية في “غامبيا” عندما منحت الحكومة الأمريكية هبة كبيرة من الأرز للحكومة من أجل استخدامها كرشوة للناخبين، وأدى هذا بأهالي “غامبيا” إلى العزوف عن زراعة الأرز المحلي والاعتماد على أرز المعونة.
بطلة الرواية “دينا” كانت هي الأخرى “هبة” أهداها والدها إلى شيخ مسن ضرير، انجبت منه توأم ، وتزوجا بعد وفاته من “طارق” الصحفي الصومالي الذي يهاجم التدخلات الأجنبية المتمثلة في المعونات الأمريكية ، فهو يعتبر التدخلات هذه سلام الدول الغنية لتدمر به الشعوب الفقيرة وتفقدها القدرة على العيش بكرامة، ولكن هذا الزوج الذي يتشدق بالشعارات كان مدمنا غير قادر على تحمل المسؤولية فتركته “دنيا” لتعمل ممرضة كي تعول أبناءها ، ثم تتعرف على “باسوسو” الشاب الطيب، الذي عاش في أمريكا ربع قرن وعاد إلى الصومال ليساعد طوعا في بناء بلده. ويعجب “باسوسو” بشخصية “دنيا” ولم يجد صعوبة في الاقتراب منها ، فقد باتت تستريب من عطايا رهبات ذوي النفوذ والجاه ، وتتفرغ دنيا لتنشئة عائلتها الصغيرة بالاعتماد على النفس ورفض الهبات، وتوصي أن يكتب على قبرها “هنا ترقد دنيا التي لاتثق بمانحي الهبات”.
وقد نشرت هذه الرواية عام 1991م قبل الحرب الأهلية الصومالية والمجاعة يقول الروائي الصومالي نورالدين فرح :”أريد أن اعود إلى الصومال” وانشيء منظمة للكتابة ، وأريد أن أضع أفلاماً ، وأريد أن أنتج كتباً رخيصة يقرأها الجميع وأن انعش خيال الناس في وطني الصومال”.
وعندما سئل : لو دار الزمن إلى الوراء هل كان ينبغي أن يكون كاتباً؟ أجاب بحسم “لا .. إن الكتابة مؤلمة وصعبة.. كنت اختار أن أكون بحاراً.