عشرات الآلاف من القطع الأثرية الليبية تم تهريبها للخارج خلال سنوات الصراع دون أدنى تحرك من جانب الدولة
التراث الثقافي الليبي في خطر.. والسؤال من يحمى ذاكرة ليبيا ويحمى تراث شعبها؟
قد يظنها البعض دعوة للرفاهية والسعادة في وطن يعيش ليله ونهاره على القتل والصراع، لكنها في الحقيقة دعوة للتحرك العاجل والحفاظ على كنوز ليبيا التاريخية والحفاظ على تراثها وآثارها من التدمير والسحق تحت قدم الآلة العسكرية الغليظة.
في هذا التقرير حول ذاكرة ليبيا الثقافية والتراثية ندعوا إلى التحرك العاجل لانقاذها من التدمير والسحق وذلك بعد سنوات من الصراع .. ووفق تقارير عدة تتعرض المواقع الأثرية في ليبيا للنهب منذ عام 2011، إذ انزلقت الدولة إلى اضطرابات وتنافس على السلطة.
«شحات» أو «قورينا» واحد من خمسة مواقع في ليبيا مدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، يتعرض منذ فترة للتدمير والنهب المنظم، ومن بين المواقع الأخرى أطلال مدينة لبدة الكبرى الرومانية وموقع صبراتة وكلاهما في غرب ليبيا، وإلى جانب الموقع الذي يبعد نحو 200 كيلومتر شرقي بنغازي يوجد في شرق ليبيا موقع أبولونيا على مسافة 20 كيلومترا فقط وهذه كلها تتعرض للتدمير.
وما يثير الأسى أن بعض الكنوز لم تعد موجودة، بما في ذلك رؤوس أو أجسام تماثيل مدرجة في كتيبات إرشادية صدرت في عام 2011.
ووفق مصادر في مصلحة الآثار فإن هناك الكثير من القطع الأثرية التي هربت بالآلاف إلى الخارج .. كما أن كل ما تفعله المصلحة، هى أنها تقوم بتسجيل القطع الأثرية بسبب عجزها التام عن منع السرقة.
لكن وبالرغم من كل ما حدث من مآسي ومهازل، يبقى التراث التاريخي الليبي استثنائياً لثرائه وتنوعه، ويبقى في حالة ماسة الى من يحميه، فحملات التنقيب التي بدأها المؤرخون الفرنسيون والإيطاليون والبريطانيون في القرن التاسع عشر، والتي استمرت من خلال العديد من المؤسسات الأوروبية والكندية واليابانية، قد حددت مئات المواقع الأثرية ذات الأهمية، فهذه الأرض التي عرفت الكثير من الشعوب والأديان هي أيضا موطن لتراث إثنوغرافي، أنثروبولوجي ومعماري شاسع.
ومئات الصور ومقاطع الفيديو التي تم بثها على الشبكات الاجتماعية، وعشرات المقالات والتقارير تظهر الدرجة الفظيعة من تدمير بعض المواقع القديمة مثل لبدة الكبرى، أبولونيا، وثيودورياس (قصر ليبيا).
كما تظهر مقارنة بسيطة أننا تجاوزنا المرحلة الكارثية التي شهدها التراث الليبي خلال الحصار (1988-2003) وفي الواقع فإنه حين تم نهب المتاحف والمواقع الأثرية في سوريا والعراق بشكل غير قانوني، ففي ليبيا تم إضافة تهديدات أخرى، فمنذ عام 2011 لا تزال هذه الثروات الثقافية في خطر، كما أن حالة المتاحف والمواقع الأثرية والمعالم التاريخية مثل أماكن العبادة والقلاع والحصون تثير قلقا متزايداً.
وخلال الفترة من 2011 إلى 2015، استفاد العديد من المُهربين من غياب خدمات الدولة المركزية لتكثيف عمليات التنقيب غير القانونية في المواقع الأثرية (خاصة في منطقة لبدة الكبرى وأويا وصبراتة) بهدف جمع الأشياء التاريخية التي تستهدف أساساً أسواق الفن في أوروبا أو تركيا أو دول الخليج.
ويبقى السؤال.. متى تقوم الدولة في ليبيا وتأخذ كل حكومة بمسؤوليتها في الحفاظ على التراث الليبي والتصدى للصوص الآثار وناهبو المتاحف والمواقع التاريخية؟!