منصة الصباح

الغش الدوائي وباء يتصدر القائمة السوداء

استطلاع  و تصوير/ سهاد الفرجاني

كشفت بعض التقارير التي صدرت سابقا بأن نسبة الغش الدوائي في ليبيا وفق بعض الدراسات الأولية يتجاوز 70 % وان معظم المستحضرات المغشوشة تضبط في دول نامية fba whoوكشفت المنظمة الأمريكية أن حجم تجارة الأدوية المغشوشة بلغت 50 مليار دولار خلال عام 2007 وارتفع هذا المبلغ إلى 75 مليار دولار خلال عام 2012 ومن هنا نستطيع القول أن تجارة الأدوية المغشوشة تسيطر عليها مافيات لايمكن السيطرة عليها خاصة إن وزارة الصحة تقول إن كل صلاحيتها تتضمن مصادرة الأدوية المغشوشة ولايمكنها إلقاء القبض على الجناة إذ إن ذلك من صلاحية السلطات التنفيذية .

الناطق الرسمي باسم جهاز الحرس البلدي السيد / إمحمد الناعم

حجم تجارة الأدوية المغشوشة في ليبيا وصل إلى أكثرمن ٠٧ % و ليبيا دولة غير مصنعة للدواء وإنما مستوردة له

 

 

تشير منظمة الصحة العالمية إلى خطر الانتشار السريع للأدوية المغشوشة في العالم, فيما دعت إلى مزيد من التعاون لوقف هذه التجارة التي يبلغ حجمها 35 مليار دولار سنوياً. وأشارت إلى أن ما يقارب من 10 % من الأدوية المطروحة للبيع في العالم يمكن أن تكون مغشوشة, مبينة أن 70 % من هذه الأدوية تُضبط في الدول النامية. وتشير دراسة للمنظمة إلى أن 48.70 % من حالات غش الأدوية تتم في دول آسيوية, و18.7 % في الدول الإفريقية و13.6 % في بعض الدول الأوروبية. وثبت أن دول جنوب شرق آسيا تمثل مصادر مهمة للأدوية المغشوشة; ففي عام 2001م توفي في الصين 192 ألف شخص نتيجة لاستخدام الأدوية المغشوشة. وطبقاً لإحصاءات TAXUD التي نشرتها الهيئة الأوروبية فإن 75 % من الأدوية المغشوشة في العالم منشؤوها الهند, و7 % من مصر و6 % من الصين. أما غالبية الأدوية المغشوشة فتتمثل في المسكنات والمضادات الحيوية والمنشطات وأدوية التنحيف والأدوية النفسية.

صحيفة الصباح رصدت تفاصيل تحقيقنا هذا للتعرف على بعض دهاليز هذه التجارة المربحة والتي تدار بدون حسيب أو رقيب …

– الرقابة هي خط الدفع الأول

صرح/ مدير إدارة الرقابة على الأدوية الدكتور / عبدالمنعم قباصة / في لقاء سابق خص به (صحيفة الصباح ) إن المركز هو خط الدفاع الأول والعين الساهرة على صحة المواطن الليبي وهو المسؤول عن الأدوية التي تدخل للبلاد عبر المنافذ القانونية وحتى عملية الإفراج على الشحنات الخاصة بالموردين يجب ألا تكون قد اجتازت ثلث المدة المقررة فكيف نسمح بدخول بضائع وسلع منتهية الصلاحية وهذه الإجراءات تتم متابعتها من قبل جهاز الحرس البلدي والتي عادة ما تكون موجودة بمخازن البيع أو الصيدليات .

وحول السوق الموازي الذي اغرق الأسواق المحلية بسلع منتهية الصلاحية يقول : السيد قباصة / يعد التهريب معضلة كبيرة يجب محاربتها ومراقبة المنافذ بشكل دوري من خلال إدارة التفتيش والمتابعة بالمركز خاصة مع وجود قوانين وتشريعات تجرم المهربين بعقوبات صارمة ولو استمرت لجان المتابعة باستمرار سوف تختفي البضائع والسلع المنتهية الصلاحية خلال ستة أشهر حسب تقديراته .

وعن عدم وجود (الكود الطبي لليبيا) يقول السيد / قباصة قمنا بمركز الرقابة بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة في سنة 2015 بقطع شوط كبير للعمل على الدليل الطبي وقمنا بإصدار نشرات بحيث نفرض على الشركات المصنعة للأدوية بعدم دخولها البلاد إلا بالكود الطبي وحتى المستهلك نفسه يستطيع الكشف على الدواء من خلال سمارت فون ويوضح له أن الأدوية تم الإفراج عنها من قبل إدارة الرقابة الدوائية وهي مطابقة للمواصفات وهناك قراءات تظهر للطبيب لمعرفة التركيبات الدوائية لكنها تحجب على المستهلك الذي لاتهمه سوى سلامة الدواء فالمشكلة هي مشكلة دولة بأكملها وليست مشكلة جهة معينة ولكن نظرا للظروف الراهنة التي تمر بها البلاد توقفنا ومع ذلك مازلنا نسعى مع مركز الترقيم لتكملة هذا المشروع مستقبلا

الغش الدوائي جريمة لايمكن السكوت عنها..

في حين ذكر : الناطق الرسمي باسم جهاز الحرس البلدي السيد / إمحمد الناعم / بأن حجم تجارة الأدوية المغشوشة في ليبيا وصل إلى اكثرمن70 % مشيرا إلى إن ليبيا هي دولة غير مصنعة للدواء وإنما مستوردة له وسابقا كانت الشركة العامة للأدوية هي التي تستورد الأدوية للمصحات والعيادات الخاصة وقد أصبح السوق تجاريا ورائجا في الفترة الأخيرة وبدأت الشركات تستورد العديد من الأدوية وقد دخلت العديد من الأصناف وفي هذا الصدد يقول : كنا في إحدى الاجتماعات مع وزير الاقتصاد وقد تحدتنا حول الأدوية ذات الجودة العالية ومصدرها عادة مايكون من دول الاتحاد الأوربي وعن الأدوية التي تدخل من الدول المصنعة والمرخص لها وما ينتج عنها من غش تجاري داخل الدولة الليبية ولذلك فإن الغش التجاري بشكل عام والدوائي بشكل خاص هو أمر يصعب القضاء عليه لأن أبواب الغش للاستيراد مفتوحة على مصرعيها إضافة للظروف التي تمر بها البلاد والتي أتاحت حتى لتاجر الشطنة استجلاب الدواء وتسويقه بكل إرياحية

– تجارة تمارس بدون رقيب أو حسيب

حول كيفية مكافحة هذا الغش : يفيد السيد / الناعم : بأن الدواء يعد دائرة مغلقة على نفسها (الصيدلي والطبيب ومساعد الصيدلي و مصنع الدواء ) وإذا كان الصيدلي هو من يبع الدواء المهرب والمنتهي صلاحيته فهذه كارثة كبيرة جدا

والمؤسف حقا : يقول لا توجد لدينا احصاءات دقيقة لحصر الأدوية المنتهية الصلاحية والمغشوشة وقد توقفنا مؤخرا عن استلامها لأنها من اختصاص وزارة الصحة رغم إننا جزء من المنظومة الرقابية للدولة الليبية فما نشهده في بلادنا ليس مجرد أسواق أو شركات للإستيراد فحسب أنما بقالات لبيع الدواء المغشوش وهو موضوع خطير جدا ويهدد صحة المواطن لان الدواء هو عبارة عن تركيبات دقيقة ومنها ما هو معد لأمراض خطيرة ومزمنة وأمراض ذات العدوى ولذلك فإن صرف الدواء المغشوش لمثل هذة الحالات يساهم في نقل العدوى وانتشار الأمراض .

القفل بالشمع الأحمر لمن لديهم قضايا ..

ولفت : إلى أن عدد الصيدليات التي تم إقفالها في جميع أنحاء ليبيا تقدر مع نهاية كل شهر من ( 50 إلى 70 ) صيدلية نتيجة أخطاء تتعلق بالتراخيص المزورة والشهائد الصحية أو من يدير الصيدلية ليس من أهل المهنة وبناء عليه تتم مراقبتهم حتى يتم التصحيح والعودة لمزاولة نشاطه من جديد أما الصيدليات التي مازالت فيها عمليات القفل مستمرة فهذا يعني إن لديها جنحة أو جريمة تختص ببيع أدوية غير صالحة للإستهلاك البشري أو ماشابه ذلك .

وأضاف : أن التفتيش على الصيدليات يتم بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة مثل نقابة الصيادلة ووزارة الصحة باعتبارهما أهل الاختصاص في معاينة الأشياء الدقيقة والمصطلحات الدوائية وما إذا كان لديه رقم عضوية بالنقابة والختم واسم الصيدلية وكذلك إجراءات تتعلق بالدواء وأصنافه .

ويوضح : أن دور جهاز الحرس البلدي هو دور ضبطي بالدرجة الأولى من خلال مايتم معاينته بشكل ظاهري مثل الأدوية المنتهية الصلاحية من خلال الكشف على تاريخ الإنتاج وتاريخ الصلاحية أو عدم وجود الملصقات التي توضح أسماء الشركات حيث يتم التعامل معها إما عن طريق الحصر وتجهيز محاضر ووضعها على ذمة الصيدلي أو يتم سحبها ووضعها في أمكنة خاصة حتى يثبت صلاحيتها من عدمها وهذا يتم بالتعاون مع الأجهزة الأخرى كالرقابة على الأغذية والأدوية والمفتشين الصحيين بمكتب التفتيش الصحي بوزارة الصحة .

وتبقى بعض الإجراءات التي تتخذ مابعد القفل ومنها كما أسلفنا يتم بتصحيح أوضاعهم أو إحالتها للنيابة والتي تعد سيدة القضاء وبعض المخالفات الأخرى تتم بالصلح الإداري كالشهائد الصحية أو عدم وجود تراخيص.

– المحارق خطر يهدد المواطن والبيئة ..

يعلق السيد / الناعم : حول إعدام الأدوية المنتهية الصلاحية حيث يقول : إن منظمة الصحة العالمية شددت في العديد من تصريحاتها على عدم استخدام المحارق وتم إيقافها بشكل نهائي كونها تشكل خطرا على صحة الإنسان وكذلك لم نشهد حرقا أو إعدام أدوية منتهية الصلاحية إلا من قبل بعض الأشخاص الذين يتصرفون بشكل فردي لحرق الدواء أو طمره تحت الأرض وهو يعد خرقا ضارا بالمواطن والبيئة وينوه : السيد الناعم : أن هناك طرقا أكثر آمانا وهي طريقة الصب الخراساني ولكن لم يعمل به حتى الآن وعمليات الطمر عادة ماكانت تتم في منطقة مصنع أبي كماش لوجود أحواض مخصصة للطمر والتحليل الكيميائي ولكن نظرا للظروف أصبحت غير ممكنة.

ويشير السيد: الناعم / للحملات الدورية  المكثفة التي يقوم بها الجهاز خاصة في سوق الدواء في منطقة الدريبي (سوق الجملة) وكذلك ضبط كميات كبيرة من الأدوية المنتهية الصلاحية ولكن عملنا يقول : محفوف بالمخاطر خاصة من الجانب الدوائي وإننا نعمل في خطوط دول مصنعة مثل مصر التي اشتهرت مؤخرا بصناعة أدوية مغشوشة كذلك الأدوية التي تستورد من الصين ومن الهند وهي ليست ذات جودة مقارنة بدول الاتحاد الأوربي التي نستورد منها القليل من الدواء المطابق للمواصفات ولكن معظم الدول كما تقول وزارة الصحة تعتمد على الاستيراد من الدول التي لديها تراخيص التصنيع مثل مصر وسوريا والإمارات والأردن لكنها ليست الدول المصنعة للدواء وهذه تعد إشكالية كبيرة في السوق الليبي لأن مدى فاعلية الدواء وتركيبته لا يجدها الحرس البلدي إنما هو اختصاص أصيل لإدارة الصيدلة بوزارة الصحة كما أن أي دواء يعطى للمريض وليس له فاعلية فهو سم قاتل نظرا لأن الدواء مقلد ومنتهي الصلاحية ولذلك فإن مثل هذه الأنشطة تعد رائجة في كل الدول وخاصة بعد أن خرجت من احتكار الدولة للتاجر.

كما عرج السيد الناعم : على خطة جهاز الحرس البلدي لسنة 2020 وهي خطة تطوير لمرحلة قادمة لجميع الأجهزة الإدارية داخل جهاز الحرس البلدي وتكوين ادارات وفرق بحثية وشعب للصيدلة الذين سيتلقون تدريب عالياً ولكن نتيجة للظروف تم تأجيلها وهذة الخطة يقول السيد : الناعم / بأنه هو احد المساهمين في وضعها ومصر على تنفيذها على ارض الواقع وتهدف خطة 2020 إلى:الحرس البلدي أثناء التفتيش.

*تطوير جهاز الحرس البلدي من الناحيتين الإدارية والمهنية.

*تكوين إدارات جديدة بما تتماشى مع العصر.

*القضاء على الجريمة الاقتصادية المتطورة وإعداد قوانين وتشريعات خاصة وجديدة بدلا من القوانين السابقة .

– المتابعة رصاصة لقتل المهربين

أكد المقدم بالإدارة العامة للمراجعة بمصلحة الجمارك / السيد : عبدالباسط بن شعبان :

تعتبر مصلحة الجمارك خط الدفاع الأول للمستهلك ولردع الموردين الذين يقومون بإدخال البضائع بطرق غير قانونية وشرعية واستغلال المستهلك في الغذاء والدواء.

فالجمارك كما هو معلوم سلطة تنفيذية والإجراءات التي تقوم بها هي إجراءات شكلية وذلك من خلال ضبط البضائع وتحويلها للجهات الرقابية ذات الاختصاص لأن الأدوية هي عبارة عن مركبات طبيعية وكيميائية وتحتاج لأطباء ومختبرات للتحاليل . موضحا : أن دور الجمارك هو الوقوف بالمرصاد أمام الموردين وذلك من خلال أخذ العينات وإحالتها والتعرف على أسماء الشركات وتقديم الإفراج الجمركي والمستندات الدالة على توريد الدواء

فليبيا هي سوق مفتوح باعتبارها رقعة جغرافية كبيرة ولديها عدد من المنافذ البرية والبحرية والجوية والمراكز الجمركية معروفة ومحددة بعضها للغذاء والبعض الآخر للدواء ويتم التعامل معها بدقة وعناية لأنها تشكل خطورة على المستهلك وصحته وسلامته لذا نجد المهربين والمحتكرين يسيطرون على السوق من اجل الكسب المادي الحرام من خلال التلاعب بالأدوية غير الصالحة للاستهلاك البشري لأن هناك فرقا بين توريدها وبين بيعها من حيث مطابقتها للمواصفات.

ونبه المقدم عبدالباسط : لضرورة العمل بنظام المتابعة المتلاحقة لأنها اتبثت عالميا أنها أجدر من الوقوف في المنافذ أو الترصد للمهربين وهي تتمثل في إدارة المكافحة بمصلحة الجمارك عن طريق أشخاص يرتدون الزي المدني ويتجولون في الأسواق بشكل مخفي وذلك للوقوف على التجاوزات والاختراقات من حيث تزوير تاريخ الصلاحية أو تواجد البضائع المحصورة بالسوق المحلي ..

وفي الختام نقول : أنها الآفة التي ابتلينا بها, ولم نستطع بعد الفكاك من أسرها, كيف أصابت تعاملاتنا التجارية, ثم استشرت فيها حتى لم نعد بعدها نعلم الصالح من الطالح من الأدوية المغشوشة التي تتسرب إلى منازلنا?! أصبح «المستهلكون» هم من يتكبد أولاً وأخيراً عناء البحث عن الجودة بين حطام الغش التجاري.

شاهد أيضاً

التومي على مذكرة تعاون مع وزارة اللامركزية الجيبوتي

الصباح وقع وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي ، و وزير اللامركزية الجيبوتي قاسم هارون …