تميّز الفنان الكبير مصطفى المصراتي، بآداءه الهاديء الذي يعكس أدوار الأباء وآخر المحترمين في عوالم الأعمال الفنية المتنوعة، بين المكافح لأجل أسرته وبين الباحث عن الراحة والسلام في بيئة قاسية لا تعترف إلا بالماديات والمصالح الضيقة.
بدأ مبكرًا مع الحركة الكشفية في مرحلة الطفولة، ومعها بدأ أولى خطوات مشواره الفني في “نادي ميزران” أو نادي الوحدة. عبر فرقة مسرحية، كان فيها الفنان الراحل مصطفى المصراتي، مخرجًا وكاتبًا وممثلاً وملحنًا، لعدة أعمال تم إعدادها للعمل المسرحي.
مع العام 1968 قدّم الفنان الكبير، أولى أعماله التمثيلية، عبر الإذاعة كل يوم جمعة، مع الفنان عبد الرزاق اشتيوي وأسعد الجمل ومحمد المصراتي وعبد المجيد يزيزي، وسليمان محمد، في أعمالٍ ذات طابع ساخر تنتقد العادات والتقاليد السيئة والسلبية.
شغفه للفن واحترامه للجمهور، لم يتوقف للحظة، وبدأت الأعمال المسرحية تُظهر فنانًا مميزًا وهذا في مسرحية “يوم القيامة” تأليف وإخراج سعيد السراج، ولسوء الحظ حينها تم إيقاف العمل المسرحي. وكانت نهاية فترة الستينيات حافلة بالأعمال الفنية الليبية.
وللفنان مصطفى المصراتي، أعمال مسرحية قام بإخراجها، وهي “اللحن التائه، بعد العشرة، غالية، عروس بلا دار”.
وتخطت مساهماته المسرحية كممثل إلى أكثر من أربعين عملاً مسرحيًا، أبرزها “بين يوم وليلة، حلم الجيعانين، تاجر البندقية، العادلون، الأيدي القذرة، الصوت والصدى”.
وعن أعماله التمثيلية، فهي كثيرة لا تُحصى، أبرزها، “الساهرون، القضية، آخر الليل، الفال، وادي الحنة، السيد صالح، مقادير، الكادح”.
تاريخنا الفني يجب أن لا يقتصر على تدوين الأسماء الكبيرة التي نفتخر بها ومنها الفنان الكبير مصطفى المصراتي، بل على إكمال مشوارهم الفني بالتذكير وإحياء ما قدّموه لنا، بالعمل على ما كانوا يحلمون به في بلدهم، أن يكون الفن جزءًا حقيقيًا من تكوينه الثقافي لا أن يُترك للمواسم الرمضانية تحت عناوين مستهلكة.
الأجيال التي ناضلت وساهمت في تأسيس المسارح والأعمال البرامج الفنية، لم تكن تطلب المستحيل، بل ما هو أبسط بكثير، أن تكون لنا دولة تحترم الفنّ وتفهم معنى أن يكون لها تاريخ عريق ومشرف، بأسماء كبيرة، مثل الفنان الكبير، الراحل مصطفى المصراتي.
حمزة جبودة