حين يحتاج المريض إلى طبيب، لا تلزمه مواكب السيارات ولا عدسات الكاميرات وصور «السوشيال ميديا»، ولا مهرجانات المديح الجوفاء والزغاريد..
بل أطباء محترفون، عمليّون، موزَّعون بعدالة على المستشفيات في المدن وأطراف البلاد، يوفّرون العلاج والمعاينة والدواء، موجودين دائماً ويحفظون السر دون بهرجة أو منٍّ.
فالطبيب الذي يتقاضى أجرًا مقابل عمله، و حتى من تطوع، عليه أن يكون حيث يجب أن يكون، بلا ادعاء ولا ضجيج. أن يفي بالعهد الذي قطعه، ويحترم مهنته، ويقدّم للمريض ما يستحقه بكرامة.
إن ما يُسمّى بـ«القوافل الطبية» ظاهرة مهينة لا تعيد للمريض عافيته، ولا تصون كرامته وهي مؤشر مقلق على تراجع مستوى الخدمات الصحية في البلاد وتردي أوضاع المؤسسات العلاجية.
وما يعيد الكرامة المهدورة والصحة المتدهورة حقًا هو أن تُجهَّز المستشفيات في القرى والأطراف، وأن يتواجد الطبيب الذي تعلّم بفضل إمكانات الدولة في المكان الذي أُرسل إليه ليخدم الناس.
طبيب وكادر مساعد لا يدفع المريض إلى الموت على الطرقات المتهالكة بحثًا عن مصلٍ، أو خيط لجرح، أو دواء يخفّف وجعه، أو في انتظار حملة قد لا تأتي..
فالقضية ليست «حملات» وجعجعة فارغة، بل هي قضية مسؤولية…مسؤولية أن يحضر الطبيب حيث يجب، وأن تُبنى منظومة صحية تحفظ كرامة المريض بعيدًا عن الاستعراض.
حتى لا ينطفئ الأمل في عيوننا ونحن نغرق في المرض والعوز، فوق لعنة الجغرافيا القاسية وآبار النفط التي لم تجلب لنا سوى الخيبات، في وطنٍ يملك الثروات كلّها، لكنّه لا يملك العقول