أحلام محمد الكميشي
أصدر وزراء خارجية 31 دولة عربية وإسلامية، أول أمس الجمعة، بيانا نددوا فيه بتصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ومزاعمه حول ما يسمى “رؤية إسرائيل الكبرى”، واعتبروها استهانة ومخالفة للقانون الدولي وتهديدًا لسيادة دول المنطقة وللأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ورغم أن تصريحات “نتنياهو” وافقت ما قاله “بن غوريون” منذ 78 سنة، وأنها طالت أمن وسيادة ووحدة الأراضي المصرية بشكل سافر، إلا أن الإعلامي المصري “توفيق عكاشة” التزم الصمت حيالها ولم يخرج للرد عليها، وهو الذي أدلى في 28 يوليو الماضي بتصريحات على قناة “سكاي نيوز عربية” تخالف العرف والقوانين المحلية والدولية عندما طالب بضم الشرق الليبي وغزة والسودان مسميًا ذلك (استعادة) ومعللًا بمبررات ليس لها سند تاريخي أو قانوني، ومارس حينها انتقائية غريبة إذ ذكر الشرق الليبي وغزة والسودان واستثنى، مثلا، الحجاز ونجد اللتين كانتا وغيرهما تحت حكم محمد علي باشا ذات يوم، وجعل المعيار أصل الحاكم (من يحكم من؟ لمعرفة من يملك ماذا؟) متجاهلًا أصول غالبية حكام مصر الأجنبية عبر التاريخ، وقفز فوق الحقيقة وتحدث عن أراضي مصر قبل 54م، والثابت أن الشرق الليبي لم يكن يومًا أرضًا مصرية، وبرقة إمارة لها دستورها وقوانينها منذ 1949م، والحدود الليبية المصرية تم ترسيمها بصورة نهائية منذ 1934م وبما لا يدع مجالا للبس والتشكيك وقد توسعت فيها مصر كثيرًا على حساب ليبيا مقارنة بمساحتها في 1841م.
ومع أن ليبيا منذ استقلالها في ديسمبر 1951م حازت حدودها الحالية بأقاليمها الثلاثة (برقة – طرابلس – فزان) دولة موحدة وذات سيادة، إلا أن “عكاشة” يطالب بتوسيع دولته غربًا معتديًا على التاريخ والقانون والجغرافيا وحق الجيرة والاتفاقيات المصدق عليها من بلاده، في انفصام لا مبرر له مصحوب بازدواجية صارخة في المعايير.
ويثور سؤال منطقي: لماذا التزم “عكاشة” الصمت عندما أطلق “نتنياهو” تصريحاته الرامية لتقسيم مصر وانتهاك سيادتها ووحدتها، وضم غزة التي يطالب بها؟ هل توافقًا مع مبدأ السعي للتوسع في أرض الجيران ونقض المعاهدات الثنائية والدولية، أم هو العجز عن مواجهة من نظنه أقوى سلاحًا وحماية حتى لو داس ترابنا واستباح أملاكنا واغتصب بعض أحلامنا؟