في المدن التي انتفضت على النظام عام 2011
من الذي يخشى صناديق الاقتراع؟ ومن الذي يرى في إرادة الناس تهديدًا لوجوده؟
منذ أشهر، والاستعدادات جارية على قدم وساق لإجراء الانتخابات البلدية في مناطق مختلفة من البلاد، رغم الانقسام العميق الذي يدار تحت مظلة “الجسم الموحد” ولا يوحّد إلا على الورق.
تجربة الليبيين القاسية في ديسمبر 2020 ما زالت حية في الذاكرة. يومها، كنا على أعتاب حدث غير مسبوق: انتخابات رئاسية وبرلمانية سجل فيها أكثر من مليوني مواطن، للمرة الأولى منذ فبراير، إيمانًا منهم بأن الصندوق قد يكون طوق النجاة.
لكن “القوة القاهرة” أطاحت بكل شيء في اللحظة الأخيرة، لتعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
تلك “القوة ” المزيج من أدوات داخلية وخارجية، تتقاطع مصالحها عند نقطة واحدة: أن تبقى ليبيا بلا مؤسسات منتخبة، وبلا قيادة موحّدة، حتى يستمر نفوذها وهيمنتها على مقدرات البلاد.
أدواتٌ لا ترى في الانتخابات إلا تهديدًا لسلطتها، فتستخدم كل ما في جعبتها لإبقائنا في دائرة الانقسام، والارتهان، والفساد، وسيطرة الميليشيات.
اليوم، يتكرر المشهد. هجمات مسلحة على مخازن المفوضية في الساحل الغربي والزاوية، وإحراق مواد الاقتراع وقاعات التدريب، فيما تتوقف العملية الانتخابية في الشرق. العنف وحده هو اللغة التي تجيدها هذه الأطراف، لأنه السلاح الأخير الذي يضمن بقاءها.
إنه سباق بين إرادة شعب يريد أن يطوي صفحة الفوضى، وقوى تسعى بكل الطرق لإيقاف الزمن وإبقاء الحال على ما هو عليه.
فهل ما زال هناك من لم يفهم المشهد؟