شهد قطاع النفط الليبي انتعاشًا ملحوظًا خلال النصف الأول من عام 2025، حيث سجلت صادرات النفط الخام المنقولة بحرًا أعلى مستوى لها في خمسة أشهر خلال شهر يوليو الماضي، هذا الارتفاع ليس مجرد زيادة عابرة، بل هو نتيجة مباشرة للتحسن المستمر في الإنتاج وعودة الاستثمارات الأجنبية، مما يعكس استعادة الثقة في القطاع بعد سنوات من الاضطرابات.
ووفقًا لبيانات وحدة أبحاث الطاقة، قفزت صادرات النفط الليبي في يوليو 2025 إلى 1.23 مليون برميل يوميًا، بزيادة قدرها 23% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي. هذه الزيادة، التي بلغت أكثر من 230 ألف برميل يوميًا، تؤكد على الديناميكية الإيجابية التي يشهدها القطاع.
كما أن الأرقام الشهرية تظهر نموًا متواصلًا، حيث وصل متوسط الصادرات في الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري إلى 1.2 مليون برميل يوميًا، وهو ما يمثل زيادة كبيرة عن العام الماضي.
يُعزى هذا الأداء القوي إلى الزيادة في الإنتاج، التي جاءت بعد عودة شركات نفط عالمية كبرى مثل “شل”، “إيني” الإيطالية، “أو إم في” النمساوية، و”ريبسول” الإسبانية لاستئناف عملياتها.
إن عودة هذه الشركات بعد توقف دام لسنوات تبعًا لتداعيات الصراع المسلح الذي بدأ عام 2011، تشير إلى بيئة استثمارية أكثر استقرارًا وثقة.
ولعل أبرز الأمثلة على هذا الانتعاش هو حقل الشرارة، الذي يعتبر من أهم الحقول الليبية.
حيث ارتفع إنتاجه إلى أعلى مستوى له منذ عام 2018، ليصل إلى 310.97 ألف برميل يوميًا. كما أن نجاح شركة السرير للعمليات النفطية في زيادة معدل إنتاجها اليومي إلى 54 ألف برميل يضاف إلى هذه الصورة الإيجابية.
لتعزيز هذا التوجه، وقعت المؤسسة الوطنية للنفط اتفاقيات مع شركتي “بي بي” و”شل” لإجراء دراسات استكشاف وتطوير في ثلاثة حقول نفطية رئيسية هي السرير، المسلة، والعطشان ومن المتوقع أن تفتح شركة “بي بي” البريطانية مكاتبها في ليبيا خلال الربع الأخير من العام، وهو ما يؤكد على جدية الشركات العالمية في العودة للاستثمار في القطاع الليبي.
كل هذه التطورات انعكست بشكل إيجابي ومباشر على إيرادات البلاد، فقد ارتفعت إيرادات النفط والغاز إلى 11.32 مليار دولار خلال الفترة من يناير حتى نهاية يوليو، بزيادة قدرها 720 مليون دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا النمو في الإيرادات يشكل دعمًا حيويًا للاقتصاد الليبي، ويوفر أساسًا قويًا لمزيد من الاستقرار والتنمية في المستقبل.