الصباح / وكالات
تناولت وسائل الإعلام الدولية بالتحليل الأسباب الكامنة وراء تراجع خليفة حفتر في اللحظات الاخيرة التوقيع على المبادرة التركية – الروسية بشأن توقيع مسودة اتفاق وقف إطلاق النار في موسكو .
وتحت عنوان « لماذا رفض حفتر توقيع الاتفاق في موسكو قالت قناة الحرة الأمريكية إن خليفة حفتر، رفض التوقيع على بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان من المفروض أن يمضي عليه في موسكو رفقة فايز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا.
وعندما أعلنت الدبلوماسية الروسية خبر رحيل حفتر دون التوقيع على الاتفاق، لم تعطِ أي تفاصيل عن الأسباب التي جعلته يترك موسكو على عجل من دون لقاء غريمه السراج ولا التوقيع على الاتفاق المبدئي الذي كان قد يوقف الاقتتال على طرابلس ولو لمدة زمنية محدودة إلى حين الوصول إلى اتفاق شامل.
ونقلت القناة الامريكية عناوين صحفية فرنسية، أشارت فيها إلى أنها حصلت على ما وصفته بـ»تسريبات» كشفت بعض النقاط التي بسببها رفض حفتر التوقيع وفضل المغادرة لليبيا.
وقالت صحيفة «ميديابارت» المعروفة بتحقيقاتها العميقة إن حفتر سيوقع على الاتفاق مع الحكومة الشرعية في برلين، مؤكدة أنه رفض التوقيع في موسكو لرفض تركيا، وهي الراعي الثاني للاتفاق إلى جانب روسيا .
وسائل إعلام أخرى أكدت أن دولا تدعم في الخفاء حفتر، هي من نصحته بعدم التوقيع في موسكو بالتحديد، بينما أكد متابعون أن ذلك غير صحيح.
وقال السفير البريطاني السابق لدى ليبيا بيتر ميليت على تويتر إن «حفتر ومن يدعمه يعتقدون أن بإمكانه الانتصار عسكريا»، وهو السبب وراء تعنته وعدم توقيعه بنود الاتفاق.
محللون آخرون لم يستبعدوا وجود اتفاق سري بين أنقرة وموسكو لم يرق لحفتر ومؤيديه.
وتقول كلاوديا غازيني عن مجموعة الأزمات الدولية «يمكن أن يكون لدى الدولتين اتفاقية «تحت الطاولة» لإعادة تشكيل سياسي محتمل في ليبيا» لصالح زيادة نفوذ أنقرة وموسكو.
جريدة «لوموند» الفرنسية أثارت في السياق ذاته عدم رغبة حفتر في الاعتراف بالتواجد التركي في ليبيا عبر التوقيع على اتفاق يدعم ضمنيا الوجود العسكري التركي المرفوض دوليا على نطاق واسع.
وبصرف النظر عن المكاسب الجيوسياسية وامتيازات الحصول على النفط الليبي، تأمل روسيا في إيجاد سوق لأسلحتها وقمحها، كما لتركيا أيضا أهدافها في مجال الطاقة.
وتعرضت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين ليبيا وتركيا لانتقادات حادة خصوصا في اليونان ومصر وقبرص لأنها تسمح لأنقرة بالقول إن لها حقوقا في مناطق واسعة في شرق البحر المتوسط.
وإثر رفض حفتر التوقيع، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مهددا «بتلقين درس» لحفتر إذا استأنف هجماته ضد حكومة الوفاق الوطني في طرابلس.. وقال في خطاب أمام نواب حزبه «لن نتردد أبدا في تلقين الانقلابي حفتر الدرس الذي يستحقه إذا واصل هجماته ضد الإدارة المشروعة وضد أشقائنا في ليبيا».
تهديد أردوغان جاء في وقت أعلنت فيه ألمانيا عن احتضانها مؤتمرا دوليا ترعاه الأمم المتحدة حول ليبيا الأحد المقبل.. وأشارت القناة الامريكية إلى مؤتمر برلين ربما يعتبر الفرصة الأخيرة؟ فالمؤتمر سيعرف مشاركة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والإمارات العربية المتحدة وتركيا والكونغو وإيطاليا ومصر والجزائر والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية.. وتخشى دول الجوار الليبي، خاصة تونس والجزائر بالإضافة إلى أوروبا، تحول ليبيا إلى «سوريا ثانية».. بينما تتخوف دول الاتحاد الأوروبي من أن يؤدي الصراع في ليبيا إلى تضاعف تدفق المهاجرين على حدودها لأنها استقبلت في السنوات الأخيرة مئات الآلاف من المهاجرين الفارين من النزاعات في العالم العربي.
وتحت عنوان « لهذا السبب.. لم يوقع حفتر “العاجز” على اتفاق الهدنة أرجع مقالا صحفي تراجع « خليفة حفتر « عن التوقيع على المبادرة التركية – الروسية بوقف إطلاق النار بعد وصوله للعاصمة الروسية «موسكو » إلى أسباب داخلية لها علاقة بالمليشيات التابعة له .
ونقلت صحيفة القدس العربي عن المقال الذي نشرته وكالة الأنباء التركية « الأناضول » قوله إنه على الرغم من موافقته المبدئية على وقف إطلاق النار تحت ضغط دولي، إلا أن خليفة حفتر، قائد مليشيات الشرق الليبي، وجد نفسه “عاجزا” عن السيطرة على جميع مليشياته وخاصة اللواء التاسع ترهونة، الذي كان وراء أغلب الخروقات للهدنة التي بدأت منذ الأحد، حسبما أكدت مصادر .. وشكل رفض قيادات في مليشيات حفتر سواء التابعة للواء التاسع ترهونة (الكانيات) أو الموالية لنظام القذافي السابق، أحد الأسباب الرئيسية لمغادرته العاصمة الروسية موسكو، صباح الثلاثاء، دون التوقيع على مسودة الاتفاق مع حكومة الوفاق.
ونشرت عدة صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، تابعة لمليشيات الكانيات، رفضها لأي هدنة مع الحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، خشية أن يؤدي انسحاب مليشيات حفتر إلى مواقعها في شرق البلاد، إلى إضعاف موقفها السياسي والعسكري، خاصة وأن مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرق طرابلس) التي يتحدر منها أغلب عناصر الكانيات، محاطة بمدن موالية لحكومة الوفاق.
وحسب المقال فقد كشفت مصادر واسعة الاطلاع أن توقيع حفتر على هدنة مع قوات الوفاق كان من شأنه إحداث شرخ في صفوف مليشيات حفتر، وقد لا تلتزم بعضها بقراراته، مما يجعل الأخير في نظر المجتمع الدولي ضعيفا، وغير قادر على السيطرة على مليشياته، كما قد يؤدي ببعض قادته للبحث عن بديل له.
وبررت مواقع موالية لحفتر سبب انسحابه من موسكو، دون توقيع على مسودة الاتفاق، بعدم تضمن المسودة عدة شروط؛ أبرزها حل جميع المليشيات (في إشارة إلى قوات حكومة الوفاق)، في حين تضمنت المسودة حديثا عن حل بعض المليشيات فقط (دون تحديدها).
كما رفض حفتر أي مشاركة تركية في الإشراف على وقف إطلاق النار في ليبيا، واشترط سحب قواتها من ليبيا، وتجميد الاتفاق بينها وبين الحكومة الليبية، وعدم توقيع الأخيرة على اتفاقيات من دون الرجوع إليه، بحسب المصادر ذاتها، غير أنه لم يتم تأكيد هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
وذهبت بعض الصفحات الموالية لحفتر بعيدا عندما أشارت إلى أن حفتر اشترط حل المجلس الرئاسي وجميع كتائب الوفاق، ودخول مليشياته العاصمة طرابلس دون قتال، وتشكيل جيش موحد يكون على رأسه.
حكومة الوفاق ربطت من جهتها سبب عدم توقيع حفتر على وقف إطلاق النار إلى ضغط حلفائه (دون تسميتهم)، وقال وزير الخارجية محمد الطاهر سيالة: “بالتأكيد ضغط حلفاء، ولكن اتضح الآن من يريد السلم ومن يريد الحرب”.
وفي هذا السياق، اتهم المحلل السياسي الليبي، وليد ارتيمة، الإمارات بالتأثير على قرار حفتر، ولفت لدى استضافته في قناة الجزيرة، الإثنين، نقلا عن مصادر وصفها بالموثوقة، إلى أن القائم بأعمال سفارة الإمارات بموسكو كان “لصيقا” طوال الوقت بحفتر خلال مراحل المباحثات بموسكو.. هذه الخلفيات والشروط مجتمعة دفعت حفتر لطلب مهلة لصباح الثلاثاء، قبل أن يفر هاربا من موسكو، لتجنب مزيد من الضغوط قد تمارسها حليفته روسيا، لدفعه للتوقيع على مسودة الاتفاق.
ولم تنشر مسودة الاتفاق الدائم لوقف إطلاق النار بشكل رسمي، لكن خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى الليبي، أوضح في حوار مع قناة “ليبيا الأحرار”، مساء الإثنين، أن وفد طرابلس، ممثلا فيه وفي فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، ناقشا خلال لقائه بـ”الوفد التركي”، في موسكو، آليات وقف إطلاق النار، وضرورة أن تفرض قوات الوفاق كامل سيطرتها على التراب الليبي، كما قدم المجلس الرئاسي أسماء 3 ضباط للجنة العسكرية 5+5 (لتحديد خط اتصال ومراقبة وقف إطلاق النار) حتى الآن، لكن حفتر لم يقدم أي اسم.
وأضاف المشري: “حفتر.. كان يريد مهلة مفتوحة قد تصل إلى 4 أيام قبل التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار”..
لكن موسكو حاولت ترك الباب مفتوحا أمام مزيد من المفاوضات، بعد أن نشرت وزارة الدفاع الروسية بيانا أعلنت فيه تقبل حفتر للبيان الختامي الذي ينص على “التوصل لاتفاق بين الأطراف المتحاربة بشأن دعم وقف الأعمال العسكرية إلى أجل غير مسمى، مما يخلق أجواء أكثر ملائمة لمؤتمر برلين بشأن ليبيا”.
جدير بالذكر أن مؤتمر برلين سيعقد في 19 يناير الجاري، بمشاركة الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن (الولايات، المتحدة، روسيا، بريطانيا، الصين، فرنسا)، بالإضافة إلى 6 دول إقليمية (ألمانيا، تركيا، إيطاليا، مصر، الإمارات، الجزائر).
وبرفض حفتر التوقيع على مسودة اتفاق الهدنة، يكون أقام الحجة على نفسه، باعتباره الطرف المعرقل لأي اتفاق سياسي، وأنه لا يقبل سوى بالخيار العسكري، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته، من خلال ممارسة مزيد من الضغوط عليه، أو فرض عقوبات عليه وعلى الداعمين له.