منصة الصباح
الانقسام السياسي في ليبيا.. هل هو المحرك الرئيس للأزمة الاقتصادية؟

الانقسام السياسي في ليبيا.. هل هو المحرك الرئيس للأزمة الاقتصادية؟

كشف تقرير صادر عن مركز “أنباء الأمم المتحدة”، عن تداعيات الانقسام الحكومي على الاستقرار الاقتصادي في ليبيا. مشيرا إلى مشاورات تجريها البعثة الأممية مع خبراء ليبيين ودوليين، لتصميم حزمة إصلاحات مالية، تهدف إلى تعزيز الشفافية في إدارة الموارد، خاصة عائدات النفط التي تشكل “90%” من الدخل القومي..

وأشار إلى ضرورة تنظيم آليات رقابية جديدة، لضمان توزيع عادل للثروة، مع التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية، لتقليل الاعتماد على الريع النفطي..

واعتبر التقرير، أن أزمة السيولة هي إحدى أبرز التحديات الاقتصادية، فمنذ عام “2014”، تعاني المصارف الليبية من نقص حاد في النقد المتوفر، ما أدى إلى صعوبة حصول المواطنين على أموالهم، الأمر الذي تسبب بدوره في أزمات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق.

ويعود السبب الرئيس لهذه الأزمة إلى الانقسامات السياسية، التي نتج عنها وجود حكومتين، ومصرفين مركزيين يعملان في آنٍ واحد، ما أدى إلى حدوث خلل في إدارة السياسة النقدية..

وتسببت الأزمة في زيادة الاعتماد على السوق السوداء للحصول على العملات الأجنبية، ما أثر سلباً على قيمة الدينار الليبي ورفع معدلات التضخم..

وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها المصرف المركزي لإعادة السيولة إلى المصارف التجارية، فإن ضعف الثقة في النظام المصرفي ما يزال يشكل تحدياً كبيراً، وإعادة بناء هذه الثقة تتطلب سياسات مالية ونقدية أكثر شفافية وتنسيقًا بين الأطراف المختلفة..

وبيَّن التقرير أن الاقتصاد الليبي يمتلك إمكانيات هائلة، رغم التحديات الكبيرة، إذا ما تم استغلال الموارد الطبيعية بشكل مستدام لتحقيق الاستقرار السياسي..

حيث يمكن العمل على تنويع مصادر الدخل من خلال تطوير قطاعات مثل الزراعة، والسياحة، والصناعات التحويلية، كما أن الاستثمار في التعليم والتدريب يمكن أن يسهم في تأهيل العمالة المحلية لتلبية احتياجات السوق..

إلى جانب ذلك، يمكن أن تلعب المؤسسات الدولية دوراً مهماً في دعم ليبيا خلال هذه المرحلة الانتقالية، حيث إن المساعدات الفنية والمالية، والإشراف على تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار، من شأنها أن تُسرّع عملية التنمية..

إنفاق مالي غير منضبط..

عطية الفيتوري

وعلى جانب آخر، يشير عضو هيئة التدريس بجامعة بنغازي،”عطية الفيتوري”، في تصريحاتٍ له، إلى أن التخبط السياسي هو الذي يقود إلى التخبط الاقتصادي، وبالتالي عدم فعالية السلطة التشريعية في توجيه السلطة التنفيذية، ما نتج عنه تدهور اقتصادي واضح..

ويتجلى هذا التدهور في مظاهر عديدة، منها استمرار نقص السيولة النقدية في المصارف، وتدني قيمة الدينار الليبي مقابل العملات الأجنبية، وفرض رسم على بيع العملة الأجنبية، واستمرار ارتفاع المستوى العام للأسعار..

وأضاف: “أن استمرار ارتفاع معدل البطالة وزيادة حجم شريحة المجتمع التي تعيش تحت خط الفقر، هما من نتائج التخبط السياسي والاقتصادي في البلاد..

هذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، تعكس غياب السياسات الاقتصادية الفعالة، وعدم القدرة على إدارة الموارد بشكل يحقق الاستقرار الاقتصادي.”..

سليمان الشحومي

ويرى مؤسس سوق المال الليبي، أستاذ التمويل والاستثمار “سليمان الشحومي”، أن التدهور في المشهد الاقتصادي، نتيجة تفشي الإنفاق الحكومي غير المنضبط، وتراجع الإيرادات، وسط غياب لمشروع اقتصادي واضح. مع ارتفاع معدلات التضخم وتوسّع الإنفاق العام دون رقابة..

ويضيف بأن توحيد الميزانية العامة ضروري، لكنه غير واقعي حالياً في ظل الانقسام السياسي، خاصة بعد فشل كافة المبادرات السابقة، مشيرا إلى أن استمرار التوسع في الدين العام، سيتبعه انخفاضا جديدًا في قيمة الدينار بنهاية “2025”..

وأوضح “الشحومي أن قرار رفع نسبة الاحتياطي القانوني للمصارف، يهدف إلى تقليص الفائض النقدي لديها، وتقليص قدرتها على تمويل الإنفاق، إلا أن هذا الإجراء يظل محدود التأثير نظراً لاعتماد النظام المصرفي على التمويل الإسلامي، الذي يتطلب تدفقاً مستمراً للتمويل، مبيناً أن “تقليص حصة الأفراد من العملة الأجنبية خطوة انكماشية من المصرف، لكنّها قد لا تفضي إلى تحسن كبير في السوق الموازي، بسبب ضعف الرقابة على الاستيراد، واستمرار التهريب، وغياب سياسة تجارية واضحة.”..

شاهد أيضاً

نساء غيرن العالم من خلف الكواليس: تسعة اختراعات شكلت حياتنا

نساء غيرن العالم من خلف الكواليس: تسعة اختراعات شكلت حياتنا

رغم أن أسماء مثل توماس إديسون وألكسندر غراهام بيل تتصدر مشهد الابتكار العلمي، فإن التاريخ …