جمعة بوكليب
زايد…ناقص
النصيبُ، يقول أهل اللغة، هو الحظُّ من كل شيء، وجمعُه أنصبة. ويُعرّفون المكتوب بأنه اسم مفعول، لأنّ الكلمة مشتقة من الفعل “كُتِبَ” المبني للمجهول، تدل على من وقع عليه فعل الفاعل، فهناك من كتب، والذي كتبه هو “مكتوب”.
في منظومة الأمثال الشعبية الليبية مثل بارز يقول :” نصيبك إيجيك ومكتوبك تمشيله.” المعنى اللغوي للمثل لا يحتاج إلى تدخل بتوضيح وتفسير. وهناك أغنية ليبية اشتهرت قديمًا للمرحوم الفنان سلام قدري يقول مطلعها:” لو نعرفه المكتوب فوق جبيني نصبّر القلب اريّحك ياعيني.”
النصيب، في هذا السياق، نعني به تحديدًا الزواج. النساء الليبيات كن، في زمن سابق، لا يغادرن بيوتهن إلا إذا جاءهن نصيب. وفي الأزمنة الحالية، لم تعد النساء تصبرن على البقاء في البيوت، بل تغادرنهن بحثًا على النصيب. وبمعنى آخر أنهن قلبن المثل رأسًا على عقب. نساء اليوم غير نساء الأمس. الأمر نفسه يطول الذكور من الليبيين.
في خضم اللهاث والركض للحصول على زوج، نسي الذكور والإناث على السواء، تذكر مثل عربي يقول: في التأني السلامة وفي العجلة الندامة. ونتائج نسيان هذا المثل، أدت إلى كوارث اجتماعية، لأن الاستعجال قاد أغلبهم إلى النصيب الخطأ.
ارتفعت بذلك نسبة الطلاق في المجتمع الليبي، وصارت مدعاة للقلق والحزن معًا. وبدلاً من الاعتراف بالخطأ وتدارك أسبابه وإيجاد الحلول، عُلق الأمر على شماعة النصيب والمكتوب.
ارتفاع نسبة الطلاق ليس مكتوبًا على الجبين لازم تشوفه العين. أي ليس قضاء وقدراً، بل نتيجة اختيار النصيب الخطأ، بسبب التسرع وأمور أخرى. أضف إلى ذلك غياب أو بالأحرى انعدام المؤسسات الرسمية ذات العلاقة بهذه الأمور. وانتهى الأمر بنا إلى ما نراه يوميا يحدث في بيوتنا من مسلسلات كارثية لا تنتهي.
النصيب والمكتوب ضحيّتان من ضحايا سوء الفهم. وما يحدث في بيوتنا لا علاقة له بهما. لكنهما شماعتان مناسبتان نعلق عليهما أخطاءنا، تملّصا من تحمّل المسؤولية.