منصة الصباح

الإرهاب الصليبي

بقلم /سالم الوخي
قبل أشهر مرت علينا الذكرى الـ925 لدعوة البابا أوربان الثاني عام 1095 م أمام مجمع كنسي عقد في كليرمون بفرنسا إلي إطلاق الحملة الصليبية الأولى ، في حدث عدواني دموي أنتج تذييلات ، يبدو لها أول وليس لها آخر…
الحملات الصليبية الأساسية والمعروفة ثمانية حملات ، استمرت بشكلها العسكرية وبصورة متقطعة حتي عام 1277 ميلادية إلاّ أن هناك من يحصيها عشرة ، بينما آخرون يرون استمرارها حتى الآن ، ولكن بتمظهر ثقافي مشيرين في ذلك إلي الغزو الثقافي..
ومن خلال سرد خلفيات مسارات ونتائج الحروب الصليبية ، يتبيّن أن الغرب أو الدول الأوروبية ، تتحمل أوزار وأوضار حجر الأساس ، في قيام الجماعات الثيوقراطية والثيولوجية المُسلحة في المنطقة العربية والإسلامية ، في القرن الـ12 الميلادي .
في الجانب المسيحي ، منظمات الداوية Templaire ، والإسبتارية Hospitallers وسانتياجو Santiago ، وقلعة رباح Calatrava ، والقنطرة ، وفرسان التيوتون ، عناوين وأسماء بارزة للجرائم التي يشيب من هولها الأجنّة في الأرحام ، وعلامات سوداء لاتخطئها أعين التاريخ…
كما أنتجت الحركات الإسلامية المغالية مثل جماعة ( الحشاشين ) المعاصرة للحملات الصليبية ، فهذه الجماعة الشيعية الباطنية المتطرفة بقيادة مؤسسها حسن الصباح المنتشرة في تلك الآونة القروسطية بالشام وإيران والعراق ، بممارساتها العنفية البعيدة كل البعد عن وسطية الإسلام الحضاري ، جاءت رد فعل على العدوان الأوروبي المستمر المتعدد الأشكال على الذات الإسلامية .
كتب التاريخ تشير إلى الإستجابة المسيحية الكبيرة لنداء ( أوربان الثاني ) للانطلاق باتجاه الشرق الأوسط ، عندما توجهت حملة في ربيع عام 1095 قوامها زهاء 60 ألف مسيحي مصاب بداء التعصّب الديني ، ومعهم زوجاتهم وعائلاتهم ، وتبعتهم في خريف العام نفسه خمسة جيوش أخرى قوامها 100 ألف شخص ، وكانت هذه الأرقام ضخمة بمقاييس ذلك العصر ..
لابد هنا من وقفة أمام رد الفعل العربي الإسلامي على تلك الحملة ، أمين معلوف الكاتب اللبناني الفرنسي المعاصر في كتابه ( الحروب الصليبية كما رآها العرب ) ، ووفق ما جاء في مقدمة الكتاب سرد قصة هذه الحروب ، كما نظر إليها وعاشها وروي تفاصيلها في المعسكر الآخر أي الجانب العربي …ويركز هذا الكتاب على تقاعس وصمت النخبة المثقفة بمعايير تلك الأزمنة ، والتي تصدّرت المشهد الثقافي وقتئذ ، ويعني المتصوّفة البارزين قادة الرأي العام مثل حجة الإسلام الإمام أبي حامد الغزالي ، وعمر بن الفارض ، ومحي الدين ابن عربي ، عندما كانوا شهودا صامتين سلبيين لذلك العدوان الهمجي الصليبي .
خاتمة القول ، أن إحدي حلقات سلسلة الصدامات واللقاءات بين الشرق والغرب ، التي شرع أبوابها الغرب المسيحي ، لم تقفل إلى الآن . فقد استخدم الرئيس الأمريكي الأسبق الراحل جورج بوش الأب لغة التهديد وتقليب صفحات التاريخ الدموية ، وكشف بعيد تفجير نيويورك الشهير في 11 سبتمبر 2001 ، ما في ذاكرته من عداء للمسلمين ، وقذف من لسانه بعفونة ارتدت عليه ، حينما وصف إجراءاته الانتقامية المزمع تنفيذها بالحملة الصليبية ، مما أثار الغضب في كافة أرجاء العالم ، وبالذات في العالم الإسلامي ، معيدا للأذهان ومنبها لها ، بأن الحملات الصليبية حيّة في الذاكرة الأمريكية والأوروبية علي حد سواء ، مشتعلة كامنة مستقرة بها تحت رماد الإنتقام الأسود وردات الفعل الهوجاء

شاهد أيضاً

أسترازينيكا” تعترف.. لقاح كورونا يسبب آثارا جانبية مميتة

  اعترفت شركة “أسترازينيكا” لأول مرة بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا يمكن أن يسبب آثارا …