بقلم/ إبراهيم تنتوش
صدق من وصف أن السياسة في وقتنا الحاضر باللعبة القذرة، نعم إنها لعبة قذرة، لا تخضع لأي قانون ولا أعراف سوى المصالح الشخصية فقط لاغير مهما كانت نتائج تلك السياسات عملية نوعية بكل ما تحمله الكلمة أدت إلى مقتل أقوى وأكبر شخصية عسكرية في الدولة الإيرانية.
نعم إنه قاسم سليماني القائد العام لفيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني الذي يعتبر من أقوى الأجهزة الأمنية والعسكرية في إيران، فبحلته السياسية وشخصيته القيادية والصلاحيات التي أعطيت له استطاع أن يكتب ولاء قوات الحرس الثوري له شبه ولاء مطلق، وإن كان في الظاهر والغالب العام يكون الولاء للمرشد الأعلى للثورة، الذي يمثل رأس الهرم في السلطة الإيرانية.
وعليه لا نستغرب ولا نستعبد نظرية المؤامرة في أن عملية الاغتيال كانت بالتنسيق مع القيادات العليا في طهران.. لأنه ومن خلال المدة الطويلة التي قضاها في تكوين وإعداد قوات الحرس الثوري إعدادا متميزا الأمر الذي جعل له القبول التام لدى كافة المنتسبين للجهاز وكذلك في الوسط الشعبي العام، أقول من خلال هذه المدة جعل من هذا الرجل، بإمكانه أن يقلب موازين الحكم في البلاد بكاملها ويقضي على نظام الملالي أصحاب العمائم السوداء بل وبإمكانه أن يزيد من توتر منطقة الشرق الأوسط بكاملها من خلال الاذرع التابعة لهم عقائدياً وقبل أن يخرج عن طوعهم لابد لأصحاب المصالح الخاصة في نظام الملالى من التفكير في القضاء عليه والتخلص منه وقد يكون كبش فداء لصفقات غير مصرح بها.
ففكرة القضاء عليه قد تكون واردة كما قلنا من القيادات السياسية في الخط الأول للدولة الإيرانية، وحادثة اغتياله تعتبر بداية قوية للعام 2020 وساخنة فوق العادة في ظاهرها في العلاقات الإيرانية الأمريكية فقد أثار الحادث ردود أفعال متباينة بين مرحب بالعملية لما كان يقدم به قاسم سليماني من تنكيل وقتل وانتهاك أعراض وتشريد وتعذيب لأهل السنة في العراق وسوريا واليمن، وبين من يراه كان داعماً له ضد محور الشر «إسرائيل» كحزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وحماس في غزة.
وفي هذا الخضم لايسعنا أن ننبه إلى أنه قبل أشهر قد تم التخلص والقضاء على الخصم اللذوذ لقاسم سليماني وهو أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة «داعش» ولعل هذه العملية كانت مقدمة لتقليم أظافر الحشد الشعبي الشيعي وحلفاء إيران في المنطقة ولعل قرار القضاء عليه اتخذ من يوم الإعلان عن مقتل البغدادي فالسياسة لا تعرف أخلاقاً ولا أصدقاء على الدوام.
نعيد ونكرر إن نظرية المؤامرة في اغتياله لها حيز من التكهنات الواقعية وتزول هذه الاشكاليات عندما تسمع أن الكونغرس الأمريكي يقترح على إيران عدم رفع سقف ردة الفعل بسبب مقتل سليماني وأنه يتفهم موقفها السياسي.
بمعنى آخر أننا نتفهم الموقف الحرج الذي تواجهونه أمام الشارع العام ولابد لكم من عملية نوعية تقدمون بها إسكاتا للشارع ودغدغة للعواطف العامة إنكم أخذتم بثأر قائدكم الشجاع فلا مانع لدينا من أية عملية تقومون بها بشرط أن لاتكون قوية جدا هذا هو المقصود المطالبة بعدم رفع سقف ردة الفعل.
ومن هذا المنطلق لعلنا نسمع الأيام القادمة أو الأشهر القادمة عن تفجير سفارة أو قنصلية أمريكية في نيجيريا أو كينيا أو مقتل سفير أو دبلوماسي أمريكي هنا أو هناك ، وبعدها تعود العلاقات مثل”السمن على العسل”، ويعود زواج المتعة من جديد بين إيران وأمريكا وكل الصراع بينهما الضحية هم أهل السنة في العالم الإسلامي بكامله.