منصة الصباح
هاشم شليق

حرب النفط والغاز والدور الليبي

محطة

هاشم شليق

لسنا بصدد الجانب الذي اتبعت فيه الحروب منذ بدايتها تكتيك لعبة الشطرنج بدءا من فلسطين المحتلة ثم العراق إلى اليمن تليها لبنان وسوريا ثم أخيرا وليس آخرا إيران وذلك كمسار يلتقي مع مسارات أخرى لكن لكل مقام مقال..

نعلم أنه يحدث وأن تكون للحرب عملة ذات وجهين..بالتالي قد تكون المسألة ليست امتلاك إيران قنبلة نووية من عدمه..بل المقصود تحييد جغرافيا النفط والغاز لصالح أطراف دون غيرها..فقد قال جون كينيدي “سباق التسلح النووي أشبه بعدوين لدودين يقفان غارقين في البنزين حتى الخصر..أحدهما بثلاثة أعواد ثقاب..والآخر بخمسة”..إذن ليس هناك طرف فائز في حال نشوب حرب ذرية بل كل العالم خاسر..كما لا يشكل امتلاك دولة لأسلحة نووية أي فارق فهي ليست بمنأى عن الإضطرابات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والأمنية في كل الأحوال الظاهرة والمخفية..وقد بدأ عصر اعتبار النووي العسكري موضة اكل الدهر عليها وشرب..

ويتجه المستقبل نحو المفاعلات النووية السلمية فقط لغرض توليد الطاقة..وعسكريا سوف يحل الروبوت المقاتل محل الجندي خاصة لدى الدول الكبرى التي تعاني من شيخوخة مجتمعاتها..وبداية سيطرة الطائرات المسيرة على السماء وقريبا الطراز الرقمي فوداعا لسلاح الجو التقليدي..والحرب السيبرانية بدلا من إطلاق الصواريخ والقذائف..وتدار غرف العمليات بالذكاء الاصطناعي..والقواعد العسكرية سوف تكون في الفضاء الخارجي..وعدد الأقمار الصناعية ذات الطابع العسكري أكثر من الصحون اللاقطة على اسطح المنازل في العالم الثالث..وهنا لا نستغرب كل ذلك فعندما كنا نرفع سماعة الهاتف الأرضي لم نتخيل قدوم الموبايل..

أما صلب الموضوع ماقاله فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية “من المتوقع أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى ذروته قبل عام 2030”..وذلك ربما بسبب تداعيات اندلاع المزيد من الحروب التي قد تؤدي إلى قطع سلاسل الإمداد مع ملاحظة أن كفة الحروب تميل جهة الشرق..

وما يقال حول الإستغناء عن الوقود الأحفوري المتمثل في النفط والغاز واستبداله بالطاقة الجديدة كالشمس والرمال والرياح والمعادن للتقليل من انبعاثات الغازات المتسببة في الاحتباس الحراري..الذي يقود إلى تغير المناخ حيث تزيد حرارة الأرض درجتين مئويتين كل عام..فقد علّق فان بيوردن الرئيس التنفيذي السابق لشركة شل قائلا “نعم نحن بحاجة إلى خفض الانبعاثات لكن النفط والغاز سيظلان جزءا من مزيج الطاقة لعقود قادمة”..

وأضاف محمد باركيندو الأمين العام السابق لمنظمة أوبك: “سيظل النفط والغاز يلعبان دورا رائدا في تلبية الطلب العالمي على الطاقة حتى مع تطور المصادر البديلة”..تشير التقارير إلى أنه قد يتم قطع إنتاج إيران من النفط عن الأسواق العالمية والذي يبلغ حوالي 3 ملايين برميل يوميا..وربما تقوم وكالة الطاقة الدولية (IEA) بتنسيق عملية إطلاق احتياطيات النفط لتحقيق استقرار الأسواق..لكن ستواجه الصين والهند وهما من أكبر مُشتري النفط الإيراني تكاليف باهظة وقد تزيدان مشترياتهما من روسيا أو أفريقيا دون تناسي مصير مضيق هرمز وتداعياته على أسواق الخليج وحركة الناقلات بصفة عامة..لو تصاعدت الأوضاع فسوف تشهد الاستثمارات الجديدة في حقول النفط في أمريكا الشمالية وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ارتفاعا حادا..

ونعلم أن النفط والغاز الليبيان يلعبان دورا استراتيجيا وإن كان متقلبا في كل من أمن الطاقة الأوروبي والأسواق العالمية..حيث تمتلك بلادنا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا بأكثر من 48 مليار برميل..وتقدر احتياطيات الغاز

بحوالي 53 تريليون قدم مكعب..وهنا تسعى أوروبا إلى تقليل اعتمادها على الطاقة الروسية لسببب جيوسياسي..وبإعتبار ليبيا قريبة جغرافيا فذلك يجعلها مصدرا بديلا رئيسيا خاصة لـ إيطاليا في مجال الغاز..وكذلك النفط بالنسبة لفرنسا ولا ننسى سوق واردات ألمانيا وإسبانيا عبر البحر الأبيض المتوسط..فالنفط النرويجي لا يغطي احتياجات أوروبا..ويمكن لنفطنا وغازنا أن يصل إلى أوروبا في أيام وليس أسابيع مقارنة بالشحنات القادمة من الخليج أو الأمريكتين مع تكلفة نقل أقل..صحيح أن ليبيا ليست من بين أكبر 5 منتجين للنفط عالميا لكن إنتاجها يؤثر على الأسعار العالمية..فبلادنا تنتج خاما خفيفا منخفض الكبريت وسهل التكرير وله قيمة في الأسواق العالمية..وسوف يضيف الاستقرار في ليبيا طاقة إنتاجية فائضة كبيرة إلى أسواق النفط العالمية..كما يمكن أن تصبح ليبيا أيضا مركزا لنقل الطاقة الأفريقية مثل نيجيريا وانغولا والجزائر..خاصة في ظل تنامي الأزمات جنوب دول الساحل والصحراء..واعتبار أن ليبيا منفتحة سياسيا على الجميع..

شاهد أيضاً

جمعة بوكليب

هواتف

جمعة بوكليب زايد …ناقص هواتف في كل مكان وحنيّة ومنعطف وزقاق، وعلى كل رصيف، حتى …