بقلم/هيثم الدغري
اقترب العام الذي قررت وزارة التعليم بحكومة الوفاق الوطني ان تُسميه العام التقني ولم يشهد تجسيداً لتلك التسمية أو تطبيقاً لهذا الوصف على ارض الواقع ، حيث حرص العديد من المسؤولين بالوزارة بدءاً من الوزير المُستقيل مروراً برئيس لجنة إدارة الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني وغيرهما في عديد المناسبات والمحافل بترديد قول مفاده ان هذا العام مُخصص لدعم التعليم التقني والفني في الدولة الليبية الأمر الذي سمعنا له ضجيجاً ولم نرى له طحيناً، وان كان هذا المقام لا يتسع لبيان مدى أهمية التعليم التقني والفني يمكن الاكتفاء بالإشارة إلى ما أورده احد ضيوف برنامج مرئي تبثه إحدى القنوات الفضائية المصرية تحت عنوان «مصر تستطيع» والعُهدة على الراوية حين تحدثت على ان كلمة السر في نجاح دولة ألمانيا كان قرار اتخذه أصحاب القرار هناك بدعم التعليم التقني والفني في ألمانيا وليس خافيا على احد وضع ألمانيا قبل سبعين عاما ووضعها اليوم بل ووضعها بعد اتخاذها لذلك القرار بسنوات قليلة، أيضا يمكن القياس على تجربة كوريا الجنوبية والتي للعلم فقط وأيضا العُهدة على الراوي وهو هنا ليس أي راوي فهو العالم المصري الشهير فاروق الباز حيث صرح في لقاء مرئي أن المال الذي دعم الطفرة الكورية الجنوبية تحصلت عليه الشركات الكورية من مشروع النهر الصناعي، وحيث أن الاقتداء بالنماذج الناجحة يُعتبر من الأساليب الإدارية الحديثة ويساعد على التفكير الابداعى -خارج الصندوق- لما يتضمنه من الاطلاع على أفضل التطبيقات في مختلف المجالات يمكن توجيه دعوة لعملية استنساخ مزدوج بحيث تكون الدعوة الأولى موجهة لذوى العلاقة من المسؤولين سواء في مجلس الوزراء أو للسادة بوزارة التعليم أو للإخوة في الهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني للقياس على التجربة الألمانية والكورية وغيرهما والبناء عليها، والدعوة الثانية موجهة لأصحاب القنوات الفضائية الليبية خاصة ذات الإمكانيات المادية الكبيرة مثل قنوات 218 وليبيا الأحرار وليبيا روح الوطن وسلام وممكن أيضا أن توجه للإخوة في قناة ليبيا الأولى (ليبيا ون) مع مراعاة فارق الإمكانيات بينها وبين تلك القنوات التي يبدوا أنها تعمل بميزانيات مفتوحة بدون سقف مُحدد وغيرها منن القنوات لاستنساخ فكرة البرنامج المصري لتقديم برنامج تحت عنوان «ليبيا تستطيع» بحيث يُعرض في رمضان القادم إن شاء الله مستعرضاً رحلة النجوم الليبية الساطعة في بلدان العالم مع عدم إغفال ان بعضهم تم إيفاده على حساب الدولة للدراسة بشرط العودة وتعهدوا بالعودة لكنهم لم يفوا بوعدهم ولم يعودوا لأرض الوطن لينطبق علي كل منهم الوصف الذي يُنشر أحيانا في صفحات الجرائد «خرج ولم يعد» ويبقى هذا الملف في حاجة إلى مُقاربة في مرة لاحقة بحيث يتم استعراض المشكلة بالأرقام ومناقشة عدد من الحلول المُمكنة التطبيق، مع عدم إغفال أن وزارة التعليم أعطت هذا الملف بعض الاهتمام وقد قامت بعدة إجراءات بالخصوص نتمنى أن لا تقف خاصة في ظل تصريح وزير التعليم المُكلف بان العمل سيكون بشكل مؤسسي مما قد يُعطى انطباعاً بأن منهجية العمل في الوزارة في ظل الوزير المُكلف ستكون باعتماد الإجراءات الصحيحة والعمل بها ومعالجة الإجراءات المعيبة وتصحيحها، وذات الأمر ينطبق على قرار وزير التعليم رقم (1084) لسنة 2019 بتقرير حُكم في شان التعليم العالي الخاص فهذا القرار خطوة أولى في مسار يجب ان يُستكمل وستكون هناك وقفة في مُقاربة قادمة مع هذا القرار.
وان كانت وزارة التعليم تُدار حالياً بوزير مُكلف بصورة مؤقتة إلا انه يصعب في ليبيا تصور مدى المدة المؤقتة فالحكومة التي كلفها المؤتمر الوطني منذ سنوات وسماها مؤقتة مازالت إلى هذه الساعة تعمل بصفة المؤقتة، ناهيك عن مُسمى وزارة الدفاع في النظام السابق حيث استمرت لعقود وهى تتصف بالمؤقتة، ومع ذلك فأن النجاح لا يُقاس بالمُدد الزمنية إنما يُقاس بالانجازات وان قصرت المُدد، هذه الانجازات التي سمعنا عنها حتى ثملنا ولم نرى لها طيفاً أو نسمع لها همساً، ولهذا من المُفترض ان تتضافر الجهود لمحاولة تحقيق انجازات على أكثر من صعيد وفي أكثر من مجال، وان كانت مسؤولية التنفيذ تقع على عاتق الحكومة وأدواتها نتمنى ان تكون إمكانية المُشاركة مفتوحة أمام الجميع لطرح الأفكار وتبادل وجهات النظر حول ما يمكن القيام به هذا اذ قبلت الحكومة بذلك، ومن هذا المنطلق وفى إطار الحرص على تطوير قدرات الكوادر العاملة بمؤسسات التعليم العالي مما سيُسهم في تطوير قدراتها والرفع من مستوى أدائها، وعملاً بالهدف العام لخطة العمل المُعتمدة لوزارة التعليم لسنة 2019 والمنشورة على موقعها الرسمي، والتي تنص على توفير وتأهيل الموارد البشرية للعملية التعليمية، حيث ينص الهدف العام الأول بالخطة على العمل على تلبية حاجات المنظومة التعليمية ومواكبة التطورات، ومن سياسات هذه الخطة بناء القدرات والتدريب المستمر، هذه دعوة لإطلاق برنامج يهدف لتطوير ودعم أعضاء هيئات التدريس العاملين بمؤسسات التعليم العالي الذين تحصلوا على جميع مؤهلاتهم العلمية من المؤسسات التعليمية الليبية.
وتتلخص الفكرة في إطلاق برنامج تحت عنوان « البرنامج الوطني لدعم أعضاء هيئات التدريس حملة المؤهلات المحلية “ وذلك على غرار البرنامج الوطني لدعم العناصر الطبية الذي اعتمده المجلس الرئاسي في يوم عطلة تقريبا بإحدى العطلتين الرسميتين في شهر أكتوبر أو ديسمبر من العام الماضي، وحقيقة يصعب التحقق من موعد اعتماد البرنامج أو محاولة الحصول عليه للاطلاع على بنوده للقياس عليها في البرنامج الُمقترح ذلك إنه اذ لم يكن من المستحيل فقد صار من الصعوبة بمكان الاطلاع على قرارات مجلس الوزراء حيث أنها غير مُتاحة على الموقع الرسمي للمجلس أو غيره، الأمر الذي يبدو ان المجلس سار فيه على نهج سلفه حيث حسب ما يتوارد فأن التعتيم على قرارات مجلس الوزراء بدأ من عهد حكومة زيدان وهذا مجرد نقل لما يُتداول، وقد يكون الوقت قد حان لتصحيح هذا الوضع بان يتم اعتماد وسيلة ما سواء كانت الكترونية أو غيرها لتكون مُتاحة للاطلاع على القرارات الحكومية.
ومن المُمكن ان يتضمن البرنامج عدة محاور، ويستهدف عدة شرائح، يكون أولها محور اللغة الإنجليزية، حيث أن المُستهدفين تحصلوا على جميع مؤهلاتهم العلمية من المؤسسات التعليمية الليبية،الأمر الذي من المؤكد اعتزازهم به إلا ان ذلك قد يكون أفقدهم فرصة اكتساب إجادة اللغة الانجليزية بشكل مُمتاز، مما قد ينعكس سلبا على إمكانية متابعتهم للأبحاث والدراسات والمراجع العلمية، ومما قد يُعيق من إمكانية تطوير المحتوى الذي يُقدمونه للطلاب، بحيث تستهدف المرحلة الأولى من البرنامج شريحة أعضاء هيئات التدريس العاملين بالمؤسسات التابعة للهيئة الوطنية للتعليم التقني والفني، وذلك تناغماً مع التسمية التي أطلقتها وزارة التعليم للسنة الدراسية الحالية «العام التقني»، والمرحلة الثانية تستهدف شريحة ثانية وهي أعضاء هيئات التدريس العاملين بالجامعات.