منصة الصباح

الاتفاقية الدولية لمكافحة الأوبئة

بعد مفاوضات مكثفة ومضنية وشاقة استمرت لأكثر من 3 سنوات متواصلة توصلت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية في 16 أبريل/ نيسان 2025 في جنيف إلى إتفاق مبدئي وتاريخي بشأن مشروع معاهدة مكافحة الأوبئة ، الذي يهدف إلى تعزيز الاستجابة العالمية السريعة للأزمات الصحية في المستقبل ، مستفيدين من التجربة المريرة المستخلصة من جائحة الكورونا ( كوفيد 19 ) ، والتي راح ضحيتها الملايين من البشر ، والأزمات الاقتصادية لمعظم دول العالم.

وجاء في المعاهدة بنود ملزمة لأول مرة لتحقيق العدالة والانصاف في توزيع اللقاحات والعلاجات ، ويتضمين الإتفاق آلية تتيح لمنظمة الصحة العالمية الحصول على 20% من إنتاج اللقاحات والعلاجات بواقع 10% تبرعات و 10% بأسعار معقولة لتوزيعها على الدول المحدودة الدخل.

وكذلك تنص المعاهدة على دعم التوطين والتصنيع المحلي ونقل التكنولوجيا والخبرات للدول منخفضة الدخل ، بهدف الوصول العادل للموارد الحيوية أثناء الأوبئة ، وتدفع المعاهدة إلى تحسين التنسيق بين الدول في مجالات البحوث والدراسات والتطوير ، والمشاركة الايجابية والفاعلة في المعلومات حول مسببات الأمراض ، والمساعدة في تقوية سلاسل الإمداد العالمية للجاهزية والاستعداد والاستجابة لأي تفشي للجوائح في المستقبل.

وتنص المعاهدة على إجراءات للتحكيم في حال حصول أي خلافات أو نزاعات بين الدول بشأن تنفيذ بنود المعاهدة مع التأكيد على إحترام سيادة الدول في اتخاذ قراراتها الصحية الوطنية ، ويتطلب التصديق على هذه المعاهدة التاريخية الهامة خلال إجتماع جمعية الصحة العالمية في مايو 2025 لتكون تاني معاهدة وإتفاق دولي ملزم في تاريخ منظمة الصحة العالمية بعد اتفاقية مكافحة التبغ في 2003 ،

إن هذه المعاهدة تعتبر خطوة هامة في تعزيز التضامن الدولي في مواجهة الأوبئة ، وتحقيق الإنصاف والعدالة في توزيع الموارد الصحية ، وتقوية الأنظمة الصحية العالمية ، وإذ نرجوا ان تكون المعاهدة محفزة للأنظمة الصحية لبدل الجهول نحو التحول إلى الطب الوقائي والصحة الواحدة والاصحاح البيئ ، والقضاء على الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان ، مع ضرورة العمل على نشر الثقافة الصحية والتوعية الصحية المجتمعية ، واتاحة البيانات والمعلومات الصحية لجميع الأنظمة الصحية بمصداقية وشفافية.

وإذ نود أن تكون هذه المعاهدة إطار لتعزيز تعاون أقوى وأشمل بين الدول العربية والاقليمية والافريقية في دعم وتعزيز مراكز مكافحة الأمراض المعدية ، والمراكز البحثية المتخصصة وتبادل للخبرات ، وتوحيد المعايير الفنية والتعاون الجاد في إجراءات الانذار المبكر والترصد والتقصي ، وفي التنمية البشرية الصحية في المجالات الصحية والبيئية والحيوانية ، وكذلك التعاون المشترك في توطين الصناعات للقاحات والعلاجات المهمة لتعزيز الأنظمة الصحية لتكون أكثر استعداد واستجابة وجاهزية في مجابهة تحديات صحية مستقبلية ،

العالم يمر بتحديات كثيرة ومعقدة اقتصادية وبيئية ومناخية وصراعات وحروب في أماكن متفرقة ، وزيادات في مؤشرات الفقر والهجرة والأمراض وتعاني معظم دول العالم منخفضة الدخل من نقص في الإمكانيات وفي القوى العاملة الصحية المؤهلة التي تفاقم من شدة التحديات والتهديدات الصحية .

إن المعاهدة الدولية لمكافحة الأوبئة هامة لتحقيق الإنصاف والعدالة في توزيع اللقاحات والعلاجات ، وتحتاج لتجاوب على مستوى الأنظمة الصحية لتتخطى الصعوبات التي تواجهها ، وتتماشى مع التطورات التقنية والتكنولوجية الطبية والتحولات في مفاهيم الخدمات الصحية ، التي أصبحت ترتكز على الفرد والصحة الواحدة والخدمات الاستباقية والتنبؤية والوقائية ، وعلى تجارب المرضى والمشاركة المجتمعية ، ومستخدمة الآليات الحيوية الحديثة في الرقمنة والاثمنة والتطبيب عن بُعد والذكاء الاصطناعي والتطورات المتلاحقة لخدمة البشرية والبيئة.

د.علي المبروك أبوقرين

شاهد أيضاً

توطين الليبيين في ليبيا

عبدالرزاق الداهش هل لدينا رقم بشأن أهلنا في الجنوب ممن باعوا ممتلكاتهم، وانخرطوا في موسم …