كشف فريق بحثي مشترك من جامعة كاليفورنيا في بيركلي وجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو عن طريقة مبتكرة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاستعادة القدرة على الكلام الطبيعي للأفراد الذين يعانون من شلل حاد يعيق قدرتهم على التواصل اللفظي.
ويعالج هذا البحث تحديًا في مجال واجهات التخاطب بين الدماغ والحاسوب وهو طول زمن الانتقال بين محاولة الشخص التعبير عن كلمة ما وإنتاج الصوت الفعلي.
وقد نجح الباحثون، من خلال الاستفادة من أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي، في تطوير طريقة بث فريدة تعمل على تجميع الإشارات الدماغية المعقدة وتحويلها إلى كلام مسموع في وقت يقارب الوقت الفعلي لمحاولة التحدث.
ونُشرت نتائج هذا البحث الرائد في دورية “Nature Neuroscience” المرموقة، مما يؤكد على أهميته العلمية الكبيرة.
وتمثل هذه التقنية الجديدة خطوة حاسمة ومبشرة نحو تمكين التواصل الفعال للأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام نتيجة لحالات مرضية أو إصابات خطيرة.
وقد شكل التأخير الزمني بين محاولة التحدث وإنتاج الصوت الفعلي عقبة أمام فعالية الأطراف الاصطناعية العصبية للكلام، ما يجعل التواصل بطيئًا وغير طبيعي. ولكن الفريق البحثي نجح في تذليل هذه العقبة باستخدام أحدث التطورات في النمذجة القائمة على الذكاء الاصطناعي، حيث طوروا طريقة بث مبتكرة تحلل الإشارات الدماغية وتحولها إلى كلام مسموع بشكل شبه فوري، مما يضفي على عملية التواصل سلاسة وطبيعية غير مسبوقة.
وأكد الدكتور جوبالا أنومانشيبالي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة كاليفورنيا في بيركلي، وأحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة، على أهمية هذا الإنجاز بمقارنته بقدرات المساعدات الصوتية الشائعة مثل “أليكسا” و”سيري”، مشيرًا إلى أن النهج الجديد يمنح الأطراف الاصطناعية العصبية سرعة فك تشفير الكلام نفسها.
من جانبه، أكد جراح الأعصاب الدكتور إدوارد تشانج، الباحث الرئيسي الأول المشارك في الدراسة، على الإمكانيات الكبيرة لهذه التقنية في تحسين جودة حياة الأفراد الذين يعانون من شلل شديد يعيق قدرتهم على التواصل.
ويقود الدكتور تشانج حاليًا تجربة سريرية متقدمة في جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو تعتمد على استخدام مصفوفات دقيقة من الأقطاب الكهربائية لتسجيل النشاط العصبي بشكل مباشر وفوري من سطح الدماغ، وهو ما يوفر بيانات دقيقة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.
وقد عبر عن تفاؤله بشأن الاستخدام العملي لهذه التقنية في المستقبل القريب.
ولإثبات مرونة التقنية، أظهر الباحثون نجاحهم في تطبيق الخوارزمية نفسها بكفاءة على أنواع أخرى من واجهات استشعار الدماغ، بما في ذلك مصفوفات الأقطاب الكهربائية الدقيقة والتسجيلات غير الجراحية التي تعتمد على أجهزة استشعار على الوجه.
وأوضحت كايلو ليتلجون، الطالبة في جامعة كاليفورنيا في بيركلي والمؤلفة المشاركة في الدراسة، أن هذه التقنية ليست حصرية لنوع واحد من الأجهزة ويمكن استخدام الخوارزمية نفسها على طرق إدخال متنوعة طالما توفرت إشارة جيدة.
ولجمع البيانات العصبية اللازمة لتدريب الخوارزمية، طلب الباحثون من المتطوعة “آن” محاولة نطق جمل تظهر على الشاشة بصمت تام. وقد مكنت هذه الخطوة الباحثين من إنشاء رابط دقيق بين النشاط العصبي والجمل المستهدفة ونظرًا لعدم قدرة “آن” على إصدار أي صوت، استخدم الباحثون نموذجًا صوتيًا مدربًا سابقًا لتحويل النص إلى كلام، مع استخدام صوت “آن” قبل إصابتها لجعل الصوت الناتج أقرب إلى صوتها الحقيقي.
يمثل هذا الإنجاز خطوة هامة نحو توفير حلول تواصل فعالة للأفراد الذين فقدوا القدرة على الكلام، ويفتح آفاقًا جديدة في مجال واجهات التخاطب بين الدماغ والحاسوب.